للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر (١) تحريف أهل الكتاب وتبديلهم أديانهم

أما اليهود فقد أنزل الله عليهم التوراة على يدي موسى بن عمران ، كما قال تعالى:

﴿ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ١٥٤].

وقال تعالى ﴿قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا﴾ [الأنعاء: ٩١].

وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (٤٨)[الأنبياء: ٤٨].

وقال تعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الصافات: ١١٧: ١١٨].

وقال تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [المائدة: ٤٤].

فكانوا يحكمون بها وهم متمسكون بها بُرهةً من الزمن، ثمّ شرعوا في تحريفها وتبديلها وتغييرها وتأويلها وإبداء ما ليس منها، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ [آل عمران: ٧٨].

فأخبر تعالى أنّهم يفسّرونها ويتأوَّلونها ويضعونها على غير مواضعها، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء؛ وهو أنّهم يتصرّفون في معانيها ويحملونها على غير المراد، كما بدَّلوا حُكْم الرجمِ بالجلد والتحميم (٢)، مع بقاء لفظ الرجم فيها، وكما أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدَّ (٣)، مع أنهم مأمورون بإقامة الحد والقطع على الشريف والوضيع.

فأما تبديل ألفاظها فقال قائلون: بأنها جميعها بُدِّلت. وقال آخرون: لم تبدل، واحتجّوا بقوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ﴾ [المائدة: ٤٣] وقوله: ﴿الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ﴾ … الآية [الأعراف: ١٥٧] وبقوله: ﴿قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: ٩٣].


(١) ليست في ط.
(٢) التحميم: تسويد الوجه حتى يصبح كالفحمة.
(٣) تقدم هذا في حديث رسول الله ص (٣٨٠).