للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السدوسي، فبايعه الناس في مستهل جمادى الآخرة سنة أربع وستين. وقد قال الفرزدق (١) في ذلك:

وبايعتُ أقوامًا وفيتُ بعَهْدِهم … وبَبَّة قد بايعتُهُ غيرَ نادِم

فأقام فيهم أربعة أشهر ثم لزم بيته، فكتب أهلُ البصرة إلى ابن الزبير، فكتب ابنُ الزبير إلى أنس بن مالك يأمره أن يصلِّي بهم شهرين، ثم كان ما سنذكره. وخرج نَجْدة بن عامر الحنفي باليمامة، وخرج بنو ماحور في الأهواز وفارس، وغير ذلك على ما سيأتي تفصيله.

إمارة عبد اللَّه بن الزُّبير (٢) وعند ابن حَزْم وطائفة أنه أمير المؤمنين آنذاك

قد قدَّمنا أنه لما مات يزيد أقلع الجيش عن مكة، وهم الذين كانوا يحاصرون ابن الزبير، وهو عائذ بالبيت، فلما رجع حُصَين بن نُمَير السَّكُوني بالجيش إلى الشام استفحل أمر ابن الزبير بالحجاز وما والاها، وبايعه الناس بعد يزيد بيعة عامة هنالك، واستناب على أهل المدينة أخاه عُبيد اللَّه بن الزبير، وأمره بإجلاء بني أمية منها، فأجلاهم، فرحلوا إلى الشام، وفيهم مروان بن الحكم وابنه عبد الملك.

ثم بعث أهل البصرة إلى ابن الزبير -بعد حروب جرت بينهم وفتن كثيرة يطول استقصاؤها، غير أنهم في أقل من ستة أشهر أقاموا عليهم نحوًا من أربعة أمراء من بينهم ثم تضطرب أمورهم- ثم بعثوا إلى ابن الزبير وهو بمكة يخطبونه لأنفسهم، فكتب إلى أنس بن مالك ليصلِّي بهم.

[ويقال: إن أول من بايع ابن الزبير مصعب بن عبد الرحمن، فقال الناس: هذا أمر فيه صعوبة. وبايعه عبد اللَّه بن جعفر، وعبد اللَّه بن علي بن أبي طالب، وبعث إلى ابن عمر وابن الحنفيّة وابن عباس ليبايعوا فأبَوا عليه. وبُويع في رجب بعد أن أقام الناس ثلاثة أشهر بلا إمام] (٣).

وبعث ابن الزبير إلى أهل الكوفة عبد اللَّه (٤) بن يزيد الأنصاري على الصلاة، وإبراهيم بن محمد بن


(١) البيت ليس في ديوانه، لكن نسب إليه في سفر السعادة (١/ ١١٢) والنقائض (٢/ ٢٧٢) ونسب في طبقات ابن سعد (٥/ ٢٥ و ٧/ ١٠١) إلى سحيم بن وثيل اليربوعي، وروايته فيه:
بايعت أيقاظًا فأوفيت بيعتي … وبَبَّة قد بايعته وهو نائم
(٢) وستأتي ترجمته في أوائل الجزء اللاحق إن شاء اللَّه تعالى.
(٣) ما بين حاصرتين من ط فقط.
(٤) في ط: عبد الرحمن. وهو خطأ.