للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضربَ لهم مثل الرجلين ومثل الحياة الدنيا. قال خَبَّاب: فكنا نقعد مع رسول اللّه فإذا بلغنا الساعة التي يقومُ قمنا وتركناه حتى يقوم.

ثم قال ابن ماجه (١): حَدَّثنا يحيى بن حكيم، حدَّثنا أبو داود، حَدَّثنا قيسُ بن الربيع، عن المِقدام بن شُرَيح، عن أبيه، عن سعد، قال: نزلت هذه الآية فينا، ستةٍ، فيّ، وفي ابن مسعود، وصهيب، وعمّار، والمقداد، وبلال. قال: قالت قريش: يا رسول اللّه، إنا لا نرضى أن نكون أتباعًا لهم، فاطردهم عنك، قال: فدخل قلبَ رسول اللّه من ذلك ما شاءَ اللّه أن يدخلَ، فأنزلَ اللّه ﷿: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ﴾ الآية [الأنعام: ٥٢].

وقال الحافظ البيهقي: أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن يوسف الأصفهاني، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي، حدَّثنا أبو الحسن خلف بن محمد الواسطي، كردوس، حدَّثنا يزيد بن هارون، حَدَّثنا جعفر بن سليمان الضُّبَعي، حدَّثنا المعلّى- يعني ابن زياد- عن العلاء بن بشير المزني، عن أبي الصدِّيق النَّاجي، عن أبي سعيد الخدريّ قال: كنت في عصابةٍ من المهاجرين جالسًا معهم وإن بعضَهم ليستترُ ببعضٍ من العُري، وقارئٌ لنا يقرأُ علينا، فكنا نسمعُ إلى كتاب اللّه، فقال رسول اللّه: "الحمدُ للّه الذي جعلَ من أمتي من أُمِرتُ أن أصبرَ معهم نفسي" قال: فاستدارتِ الحلقةُ وبرزت وجوهُهم، قال: فما عرفَ رسولُ اللّه أحدًا منهم غيري، فقال رسول اللّه: "أبشروا معاشرَ صعاليك المهاجرين بالنور يوم القيامة، تدخلون قبل الأغنياء بنصف يوم، وذلك خمسمئة عام" (٢).

وقد روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي، من حديث حمّاد بن سلمة، عن حميد، عن أنس، قال: لم يكن شخصٌ أحبّ إليهم من رسول اللّه ، قال: وكانوا إذا رأوه لم يقومُوا؛ لما يعلمون من كراهيته لذلك (٣).

فَصل عبادته واجتهاده في ذلك

قالت عائشة: كان رسولُ اللّه يصومُ حتى نقولَ لا يُفطر، ويُفطر حتى نقولَ لا يَصوم (٤)،


(١) في سننه رقم (٤١٢٨) في الزهد. وهو عند مسلم في صحيحه رقم (٢٤١٣) في فضائل الصحابة.
(٢) دلائل النبوة؛ للبيهقي (١/ ٣٥١ - ٣٥٢) وفي إسناده العلاء بن بشير المزني مجهول.
(٣) رواه الترمذي في الجامع رقم (٢٧٥٤) في الأدب، وأحمد في المسند (٣/ ١٣٢)، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وعزو المصنف الحديث لأبي داود لا يصح، فإن أبا داود لم يخرج هذا الحديث في سننه.
(٤) رواه البخاري في صحيحه رقم (١٩٦٩) في الصوم، ومسلم في صحيحه رقم (١١٥٦) في الصيام.