للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَدَّثَنَا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حَدَّثَنَا مِنْجَاب (١) بن الحارث، حَدَّثَنَا عبد اللَّه بن الأجلح، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، قال: إنَّ أولَ ما يُؤتى به الأنبياءُ في المنام، حتَّى تهدأ قلوبُهم، ثم ينزِلُ الوحي بَعْدُ. وهذا من قبل علقمة بن قيس نفسِه، وهو كلامٌ حسن، يؤيِّدُه ما قبله ويؤيده ما بعده.

ذكر عمرِه وقت بعثتِه وتاريخها

قال الإمام أحمد (٢): حَدَّثَنَا محمد بن أبي عدي، عن داودَ بن أبي هند، عن عامر الشَّعْبي: أنَّ رسولَ الله نزلت عليه النبوة وهو ابنُ أربعين سنة، فقرن بنبوَّتِهِ إسرافيل ثلاثَ سنين، فكان يعلِّمُه الكلمة والشيء، ولم ينزل القرآن، فلما مضتْ ثلاثُ سنين قرن بنبوته جِبريل، فنزل القرآنُ على لسانه عشرين سنة، عشرًا بمكة، وعشرًا بالمدينة. فمات وهو ابن ثلاث وستينَ سنة.

فهذا إسنادٌ صحيح إلى الشعبي، وهو يقتضي أنَّ إسرافيل قرن معه بعد الأربعين ثلاث سنين، ثمّ جاءَهُ جبريل (٣).

وأما الشيخ شهاب الدين أبو شامة فإنه قد قال: وحديث عائشة لا يُنافي هذا، فإنه يجوز أنْ يكونَ أول أمره الرُّويا، ثم وُكِّل به إسرافيلُ في تلك المُدَّة التي كان يخلو فيها بِحرَاء، فكان يُلقي إليه الكلمة بسرعة، ولا يقيمُ معه، تدريجًا له وتمرينًا، إلى أن جاءه جبريل، فعلَّمه بعد ما غطَّه ثلاثَ مرَّات، فحكَتْ عائشةُ ما جرى له مع جِبْريلِ، ولم تحكِ ما جرى له مع إسرافيلَ اختصارًا للحديث، أو لم تكن وقفت على قصة إسرافيل.

وقال الإمام أحمد (٤): حَدَّثَنَا يحيى عن هشام (٥)، عن عكرمة، عن ابن عباس، أُنزل على النبي


(١) في ط: جناب. تصحيف، والمثبت من ح، ورواية منجاب عن عبد الله بن الأجلح، ورواية ابن أبي شيبة عنه ثابتة في ترجماتهم في السير (١٤/ ٢١) وتهذيب الكمال (١٤/ ٧٩) وتهذيب التهذيب (١٠/ ٢٩٧).
(٢) أخذه المصنف من دلائل النبوة للبيهقي (١/ ١٣٢) الذي رواه عن ابن بشران، عن ابن السماك، عن حنبل بن إسحاق، عن الإمام أحمد. وأخرجه ابن سعد في الطبقات (١/ ١٩١) عن المعلى بن أسد العمي، أخبرنا وهيب بن خالد عن داود به. وقال ابن سعد بعد إيراده الخبر: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر فقال: ليس يعرف أهل العلم ببلدنا أن إسرافيل قرن بالنبي ، وإن علماءهم وأهل السيرة منهم يقولون: لم يقرن به غير جبريل من حين أنزل عليه الوحي إلى أن قبض اهـ.
(٣) لكنه مرسل، فلا يحتج به (بشار).
(٤) في المسند (١/ ٢٢٨).
(٥) في ط: "يحيى بن هشام"، وهو تحريف والصواب ما أثبتناه من المسند، ويحيى هو ابن سعيد القطان، وهشام هو ابن حسان (بشار).