للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُها فوق بَعْض، وأشار أبو شهاب بأصابعه، فيُمْلأُ هذا، ثم هذا، ثم هذا (١).

حدّثني إبراهيمُ بن سعيد الجَوْهريّ، حدّثنا حجّاجٌ، حدّثنا ابنُ جُرَيْج، في قوله تعالى ﴿لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ﴾ قال: أوَّلُها جَهنّم، ثم لَظى، ثم الحُطَمة، ثمّ السَّعيرُ، ثم سَقَر، ثم الجَحيم، وفيها أبو جَهل، ثم الهاوية، وقال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ﴾ أي غلاظ الأخلاق، شداد الأبدان ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ﴾ أي: بَعزمهم ونيّتِهمْ، فهم لايريدون أن يخالفوه في شيء أبداً، لا بالعزم، ولا بالنية لاظاهراً ولا باطناً ﴿وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: ٦] أي: إن فعلهم ليس بإرادتهم ولا باختيارهم، بل إنما هو صادر عن أمر الله لهم بما أُمروا به، بل لهم قوةٌ على إبراز ما أُمروا به من العَزْمِ إلى الفِعْل، فلهم عزمٌ صادق، وأفعالٌ عظيمة، وقوى بليغةٌ، وشدَّةٌ باهرة، وقال تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً﴾ أي لكمال طاعتهم وقوتهم ﴿وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [المدثر: ٣٠ - ٣١] أي اخْتباراً، وامتحاناً، وكانَّ هؤلاء التسعةَ عشَرَ، كالمُقدَّمين الذين لهم أعوانٌ، وأتباعٌ. وقد رَوينا عند قوله تعالى: ﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ﴾ [الحاقة: ٣٠] أن الربّ تعالى إذا قال ذلك وأمر به ابتدره سبعون ألفاً من الزَّبَانية، وقد قال الله تعالى: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (٢٥) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ﴾ [الفجر: ٢٥ - ٢٦].

وروى الحافظ الضياءُ من حديث محمد بن سُلَيمان بن أبي داود، عن أبيه، عن يزيد البَصْريّ، عن الحسن البصريّ، عن أنس مرفوعاً: " والذي نفسي بيده: لقد خُلقت مَلائكةُ جهنّم قبل أن تُخْلَق جهنَّم بألف عام، فهم كلَّ يوم يَزْدادُون قُوَّةً إلى قُوَّتهمْ حتى يَقْبِضُوا على من قَبَضُوا عليه بالنواصي والأقْدامِ" (٢).

[ذكر سرادق النار وهو سورها المحيط بها وما فيها من المقامع والأغلال والسلاسل والأنكال أجارنا الله تعالى من ذلك جميعه]

قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا﴾ [الكهف: ٢٩] وقال تعالى: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ﴾ [الهمزة: ٨ - ٩] مُؤْصَدَة، أي مُطبَقَةٌ.

وقد رواه ابن مَرْدَويْهِ في "تفسيره" من حديث شَريك، عن عاصم، عن أبي صالح، عن


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "صفة النار" رقم (٧).
(٢) وإسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>