للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يده - وكان قد اعتقل لسانه -] (١) فجعل يخلل لحية نفسه، ثم مات، .

وذكره القاضي ابن خلكان في "الوفيات"، وحكى عنه أنه دخل يومًا على الجنيد، فوقف بين يديه، وصفَّق بيديه وأنشد:

عَوَّدوني الوصالَ والوصلُ عَذْبُ … وَرَموني بالصَّدِّ والصَّدُّ صَعْبُ

زَعَمُوا حينَ أزمعوا أنَّ ذنبي … فَرْطُ حبِّي لهم وما ذاكَ ذنبُ

لا وحَقّ الخضوعِ عندَ التَّلاقي … ما جزا منْ يُحِبُّ إِلَّا يُحَبُّ (٢)

وذَكَرَ عنه أنه قال: رأيتُ مجنونًا على باب جامع الرّصافة يوم جمعة عُريانَ وهو يقول: أنا مجنون اللّه أنا مجنون اللّه، فقلت: ألا تستتر وتدخل، فتصلي مع الناس؟ فأنشأ يقول:

يقولونَ زُرْنا واقْضِ واجِبَ حَقّنا … وقدْ أسْقَطتْ حالي حُقُوقَهُمُ عنِّي

إذا أبصَرُوا حالي ولم يأنفُوا لها … ولم يأنفُوا منها أنِفْتُ لهم منِّي (٣)

وذكر الخطيب في "تاريخه" عنه أنه أنشد لنفسه:

مَضَتِ الشَّبيبةُ والحبيبةُ فانبرى … دَمْعانِ في الأجفانِ يَزْدحمانِ

ما أنصفتني الحادثاتُ رَمَيْنني … بمُوَدَّعينِ وليسَ لي قَلْبانِ (٤)

وكانت وفاته ليلة الجمعة لليلتين بقيتا من هذه السنة، وله سبع وثمانون سنة، ودفن في مقبرة الخيزران، .

[ثم دخلت سنة خمس وثلاثين وثلاثمئة]

في هذه السَّنة استقرَّ أمر الخليفة المطيع للّه في دار الخِلافة، واصطلح معز الدولة بن بُوَيْه وناصر الدولة بن حمدان على ذلك، ثم حاربَ ناصرُ الدولة تكِين التُّرْكي، فاقتتلا مَرَّاتٍ متعدِّدة، ثم ظَفِرَ ناصر الدولة بتكين، فسمله بين يديه، واستقر أمره بالمَوْصل والجزيرة.

وفيها استحوذ ركن الدولة بن بويه على الرَّي، وانتزعها من الخُرَاسانية، فاتسعت مملكة بني بويه


(١) ما بين حاصرتين من (ظا) و (ط).
(٢) انظر وفيات الأعيان (٢/ ٢٧٣).
(٣) المصدر السالف (٢/ ٢٧٦) وقد ترجم المصنف لهذا المجنون في وفيات سنة (٥٣١ هـ)، وساق له هذين البيتين.
(٤) تاريخ بغداد (٦/ ٣١٥ - ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>