للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال محمد بن سيرين: حدَّثني أنس بن مالك؛ أن أبا طلحة بلغَه أنه ليس عندَ رسول اللّه طعامٌ، فذهبَ فأجَّرَ نفسَه بصاعٍ من شعير، فعَمِل يومَه ذلك، فجاءَ به وأمرَ أمَّ سُلَيم أن تعملَه خطيفةً (١). وذكر الحديث.

[طريق أخرى عن أنس]

قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا يُونس بن محمد، حَدَّثَنَا حربُ بن ميمون، عن النضر بن أنس، عن أنس بن مالك قال: قالت أُمُّ سُليم: اذهب إلى نبي اللّه فقل: إن رأيتَ أن تغدَّى عندنا فافعل، فجئتُه فبلّغتُه، فقال: "ومن عندي؟ " قلت: نعم، قال: "انهضوا" قال: فجئتُه فدخلتُ على أُمّ سُلَيم وأنا لَدَهِشٌ لمن أقبلَ مع رسول اللّه ، قال: فقالت أم سُلَيم: ما صنعتَ يا أنس؟ فدخلَ رسولُ اللّه على إثر ذلك، فقال: "هل عندك سمن؟ " قالت: نعم، قد كان منه عندي عُكّة فيها شيء من سمن، قال: "فائتِ بها" قالت: فجئتُ بها، ففتحَ رباطَها ثم قال: "باسم اللّه، اللهم أعظم فيها البركة" قال: فقال: "اقلبيها " فقلبتُها، فعصرَها نبيُّ اللّه وهو يُسمّي، فأخذتُ نَقعَ قِدرٍ، فأكلَ منها بضعٌ وثمانون رجلًا، وفضل فضلةً، فدفعها إلى أُمّ سُليم فقال: "كلي وأطعمي جيرانك" (٢).

وقد رواه مسلم (٣) في الأطعمة، عن حَجَّاج بن الشاعر، عن يونس بن محمد المؤدب، به.

[طريق أخرى]

قال أبو القاسم البغوي: حَدَّثَنَا علي بن المَديني، حَدَّثَنَا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمرو بن يحيى بن عُمارة المازني، عن أبيه، عن أنس بن مالك؛ أن أمَّه أمّ سُليم صنعت خزيرًا (٤). فقال أبو طلحة: اذهب يا بنيّ فادعُ رسولَ اللّه قال: فجئتُه وهو بين ظَهراني الناس، فقلت: إن أبي يدعوكَ، قال: فقام وقال للناس: "انطلقوا" قال: فلما رأيتُه قام بالناس تقدّمتُ بين أيديهم، فجئت أبا طلحة، فقلت: يا أبت قد جاءَك رسولُ اللّه بالناس، قال: فقام أبو طلحة على الباب وقال: يارسول اللّه إنما كان شيئًا يَسيرًا، فقال: "هلمَّهُ، فإن اللّه سيجعلُ فيه البركة! فجاء به، فجعل رسولُ اللّه يدَه فيه، ودعا اللّه بما شاء أن يدعوَ، ثم قال: "أدخل عشرة عشرة" فجاءه منهم ثمانون فأكلوا وشبعوا.


(١) رواه أبو يعلى في مسنده (٥/ ٢١٤ - ٢١٥) رقم (٢٨٣٠) وإسناده صحيح، وهو عند مالك رقم (٩) في صفة النَّبِيّ .
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند (٣/ ٢٤٢).
(٣) صحيح مسلم (٣/ ١٦١٤).
(٤) "الخزيرة": لحم يقطَّع صغارًا ويصب عليه ماء كثير، فإذا نضج ذُرَّ عليه الدقيق. النهاية لابن الأثير (٢/ ٢٨).