للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

قال في حديث الصور: فإذَا لم يبقَ إلا اللَّهُ الواحد الأحدُ الفردُ الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفُوًا أحَدٌ، كان آخِرًا كما كان أوّلًا، طَوَى السماوات والأرض، كَطّي السِّجِلِّ لِلْكتاب، ثم دَحَاهُما، ثم تَلَقَّفَهُمَا ثلاثَ مَرّاتٍ، وقال: أنا الجبّار، ثلاثًا، ثم يُنادِي: لِمَن المُلكُ اليَوْمَ؟ ثلاث مرات، فلا يُجيبه أحد، ثم يقول تعالى مُجِيبًا لِنَفْسِه: للَّه الواحدِ القَهّار.

وقد قال اللَّه تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)[الزمر] وقال تعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ (١) كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤)[الأنبياء] وقال تعالى: ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦)[غافر].

وثَبت في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة: أن رسولَ اللَّه قال: "يَقْبِضُ اللَّهُ تعالى الأَرْضَ، ويطْوِي السَّماءَ بيمينِه، ثم يقول: أنا المَلِكُ، أنَا الجَبّار، أيْنَ مُلُوكُ الأرض؟ أيْنَ الجَبَّارُونَ؟ أيْنَ المُتَكَبِّرُونَ" (٢).

وفيهما، عن ابن عمر: أنّ رَسُولَ اللَّه قال: "إنّ اللَّهَ يَقْبضُ يَوْمَ القِيَامةِ الأرَضِينَ، وَتكُونُ السَّمَاواتُ بِيَميِنِه ثُمَّ يَقُولُ: أنَا المَلِكُ" (٣).

وفي "مُسند الإمام أحمد"، و"صحيح مسلم"، من حديث عُبَيْد اللَّه بن مِقْسَم، عن ابن عمر: أنّ رسول اللَّه قرأ هذه الآية ذاتَ يَوْمٍ على المِنْبر: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)[الزمر]. ورسول اللَّه يقول هكذا بِيَدهِ، يُحَرّكُها، يُقْبِلُ بِها وَيُدْبِرُ: "يُمَجِّدُ الرَّبُّ سُبحانَه نَفْسَه: أنَا الجَبّارُ، أنا المُتَكَبِّرُ أنا الملك، أنا العزيزُ، أنا الكريم" فرجف برسول اللَّه المنبرُ حتى قُلْنَا: لَيَخِرَّنَّ به. وهذا لفظ أحمد (٤) وقد ذكرنا الأحاديث المتعلّقة بهذا المقام عند تفسير هذه الآية من كتابنا "التفسير"، بأسانيدها وألفاظها بما فيه كفاية وللَّه الحمد.


(١) قرأها "للكتب" أي بالجمع، حفص وحمزة والكسائي وخلف. وقرأها بقية العشرة بالإفراد "للكتاب".
(٢) رواه البخاري (٦٥١٩) ومسلم (٢٧٨٧).
(٣) رواه البخاري رقم (٧٤١٢) وسيأتي من رواية مسلم في الحديث التالي.
(٤) رواه أحمد في المسند (٢/ ٧٢) ومسلم (٢٧٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>