للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد بن بكر بن عبد الرزاق: كان لأبي داود كُمٌّ واسع، وكُمٌّ ضيقٌ، فقيل له: ما هذا يرحمك الله؟ فقال: هذا الواسع للكتب، والآخر لا يُحتاج إليه (١).

وقد كان مولد أبي داود في سنة ثنتين ومئتين، وتوفي بالبصرة يوم الجمعة لأربع عشرة بقيت من شوَّال سنة خمس وسبعين ومئتين عن ثلاث وسبعين سنة، ودفن إلى جانب قبر سفيان الثوري. وقد ذكرنا ترجمته في كتابنا "التكميل" وذكرنا ثناء الأئمة عليه.

ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم (٢): أبو العَنْبَس الصَّيمريّ (٣) الشاعر، كان مجيدًا في شعره ديّنًا، كثيرَ الملح، وكان هجَّاءً، ومن جيد شعره قوله (٤):

كم مريضٍ قَدْ عاشَ مِنْ بَعْدِ يأنَّسٍ … بَعْدَ موتِ الطَّبيبِ والعُوَّادِ

قد يُصَادُ القطا فينجو سليمًا … ويَحِلُّ القَضَاءُ بالصَّيَّادِ

[ثم دخلت سنة ست وسبعين ومئتين]

في المحرم منها أعيد عمرو بن الليث إلى شرطة بغداد، وكُتِبَ اسمُه على الفرش والمقاعد والستور، ثم أسقط اسمه في شوال منها، وعزل عن ذلك، وولي عبيد الله بن [بن عبد الله] (٥) بن طاهر.

وفيها: ولَّى الموفَّقُ ابنَ أبي الساج نيابةَ أذْرَبيجان.

وفيها: قصد هارون الشاري الخارجي مدينة الموصل، فنزل شرقيّ دجلتها، فحاصرها، فخرج إليه أشراف أهلها، فاستأمنوه فأمَّنَهم، ورجع عنه.

وحجَّ بالناس في هذه السنة هارون بن محمد العباسي، أمير الحرمين والطائف.

ولمَّا رجع حُجَّاج اليمن نزلوا في بعض الأماكن، فجاءهم سَيْل ولم يشعروا به حتى غرَّقهم كلَّهم، فلم يفلت منهم أحدٌ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.


(١) مختصر تاريخ ابن عساكر (١٠/ ١١١)، سير أعلام النبلاء (١٣/ ٢١٧).
(٢) نديم المتوكل والمعتمد العباسيين، كان أديبًا ظريفًا عارفًا بالنجوم، وهو من أهل الكوفة، وقبره فيها. ولي قضاء الصيمرة فنسب إليها، له مناظرة مع البحتري، وهجاه أكثر شعراء زمانه.
له ترجمة في تاريخ بغداد (١/ ٢٣٨)، ومعجم الأدباء (١٨/ ٨)، والأعلام للزركلي (٦/ ٢٨)، ومعجم البلدان (صَيْمَرة)، والمنتظم (٥/ ٩٩).
(٣) في آ، ط: الضيمري.
(٤) البيتان في تاريخ بغداد (١/ ٢٣٨)، ومعجم الأدباء (١٨/ ٩)، ومعجم البلدان (٣/ ٤٣٩)، والمنتظم (٥/ ٩٩).
(٥) من ب، ظا.

<<  <  ج: ص:  >  >>