للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي صالح، (عن أبي سعيد) (١)، أو عن أبي هريرة - شك الأعمش - قال: لما كانت غزوةُ تبوك أصابَ النَاسَ مجاعةٌ، فقالوا: يا رسول اللّه، لو أذنتَ لنا فنحرنا نواضحَنا فأكلنا وادَّهَنَّا؟ فقال: "افعلوا" فجاء عمرُ، فقال: يا رسولَ الله، إن فعلوا قل الظَّهرُ، ولكن ادعُهم بفضل أزوادِهم، ثم ادعُ لهم عليها بالبركة لعلَّ اللّه أن يجعلَ في ذلك البركة، فأمرَ رسولُ اللّه بنِطعٍ فبُسِطَ ودعا بفضل أزوادهم، قال: فجعلَ الرجلُ يجيءُ بكفِّ التمرِ، والآخرُ بالكِسرة، حتى اجتمعَ على النطعِ شيءٌ من ذلك يَسير، فدعا عليهم بالبركة، ثم قال: "خذوا في أوعيتكم" فأخذوا في أوعيتهم، حتى ما تركوا في العسكر وعاء إِلَّا مَلؤُوه، وأكلوا حتى شبِعوا وفضُلَت فَضلَةٌ، فقال رسول اللّه : "أشهد أن لا إله إِلَّا اللّه وأني رسولُ اللّه، لا يلقى اللّه بها عبدٌ غيرَ شَاكٍّ فتُحتَجَبُ (٢) عنه الجنّة".

وهكذا رواه مسلم (٣) أيضًا عن سهل بن عثمان وأبي كُريب، كلاهما عن أبىِ مُعاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد أو أبي هريرة، فذكر مثلَه.

[حديث آخر في هذه القصة]

قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا علي بن إسحاق، حَدَّثَنَا عبد اللّه - هو ابن المبارك - أخبرنا الأوزاعي، أخبرنا المطلبُ بن حتطب المخزومي، حدَّثني عبد الرحمن بن أبي عَمرة الأنصاري، حدَّثني أبي قال: كنا مع رسول اللّه في غزاة فأصاب النَّاسَ مَخمَصةٌ (٤)، فاستأذنَ النَّاسُ رسولَ اللّه في نحرِ بعض ظُهورهم، وقالوا: يُبلِّغنا اللّه به، فلما رأى عمرُ بن الخطاب أن رسول الله قد همَّ أن يأذنَ لهم في نحر بعض ظُهورهم، قال: يا رسولَ اللّه، كيف بنا إذا نحن لقينا العدوَّ غدًا جِياعًا رِجَالًا؛ ولكن إن رأيتَ يا رسولَ اللّه، أن تدعوَ لنا ببقايا أزوادهم وتجمِّعها، ثم تدعو الله فيها بالبركةِ فإن الله سيبلّغنا بدعوتك، أو سيُبارك لنا في دعوتك، فدعا النَّبِيُّ ببقايا أزوادهم، فجعل النَّاسُ يَجيئون بالحبَّة من الطعام وفوقَ ذلك، فكان أعلاهم من جاءَ بصاعٍ من تمر، فجمعَها رسولُ اللّه ، ثم قام فدعا ما شاء اللّه أن يدعوَ، ثم دعا الجيشَ بأوعيتهم وأمرَهم أن يحتثوا، فما بقي في الجيش وعاء إِلَّا ملؤوه، وبقي مثله، فضحكَ رسولُ اللّه حتى بدت نواجذُه وقال: "أشهد أن لا إله إِلَّا اللّه وأشهد أني رسولُ اللّه، لا يلقى اللّهَ عبدٌ يُؤمن بها إِلَّا حُجِبَت عنه النَّار يومَ القيامة" (٥).


(١) في الأصل: عن سعيد، والتصحيح من (أ) ومسند أبي يعلى (٢/ ٤١١ - ٤١٢).
(٢) كذا بالأصل، وفي المسند: فيُحجبُ عن الجنة.
(٣) في صحيحه رقم (٢٧) في الإيمان.
(٤) "مخمصة": جوع.
(٥) رواه الإمام أحمد في المسند (٣/ ٤١٧ - ٤١٨).