للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: ﴿إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا (١٢)[الفرقان: ١٢] رواه ابن أبي حاتم.

وقال ابن جرير: حدَّثنا أحمد بنُ إبراهيم الدّوْرقيّ، حدَّثنا عُبَيْدُ اللَّه بنُ موسى، حدَّثنا إسرائيلُ، عن أبي يحيى، عن مُجاهد، عن ابن عبَّاس، قال: إنّ الرَّجُلَ ليُجَرُّ إلى النار، فَتَنْزَوي ويَنْقَبضُ بَعْضُها إلى بَعْض، فيقول الرحمنُ: مالكِ؟ فتقول: إنه يَسْتَجيرُ بك منِّي، فيقول: أرْسلُوا عَبْدي، وإنّ الرَّجُل لَيُجَرُّ إلى النار فيقول: يا رَبّ، ما كان هذا الظنَّ بِكَ، فيقول: فما كانَ ظنُّك؟ فيقول: أنْ تَسَعَني رَحْمتُك، فيقول: أرْسلُوا عَبدي، وإنَّ الرَّجُلَ لَيُجرُّ إلى النّار، فَتَشْهقُ إلَيْهِ النّارُ شُهُوقَ البَغْلَةِ إلى الشَّعير، وتَزْفِرُ زَفْرَة لا يَبْقَى أحَدٌ إلَّا خافَ. إسناده صحيح.

وقال عبد الرزاق: حدَّثنا مَعْمرٌ، عن منصور، عن مجاهد، عن عُبَيْد بن عُمَيْر، قال: إنّ جَهنَّمَ تَزْفِرُ زَفْرَةً لا يَبْقَى مَلَكٌ، ولا نَبيٌّ إِلَّا خَرَّ، تُرْعَدُ فَرَائصه، حتَّى إنَّ إبراهيم لَيَجْثُو على رُكْبَتَيْهِ، ويقول: يا رَبّ، لا أسْألُكَ اليومَ إلّا نَفْسي.

وقال في حديث الصُّور: ثم يأمر اللَّهُ جَهنَم فيَخْرُج مِنْها عُنُقٌ سَاطِعٌ مُظْلم، ثم يقول تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (٦٢) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [يس: ٦٠ - ٦٤]. وقال: ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ [يس: ٥٩] فيَميزُ اللَّهُ بين الخلائق، وتجْثُو الأمم، وذلك قوله تعالى: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية: ٢٨ - ٢٩].

[ذكر الميزان]

قال اللَّه تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧]. وقال تعالى: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٠٢) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٢ - ١٠٣]. وقال تعالى: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ﴾ [الأعراف: ٨ - ٩]. وقال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (٦) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (٧) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (٨) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (٩) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (١٠) نَارٌ حَامِيَةٌ (١١)[القارعة: ٦ - ١١]. وقال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (١٠٤) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾ [الكهف: ١٠٣ - ١٠٥].

قال أبو عبد اللَّه القرطبيّ: قال العلماء: إذا انقضى الحسابُ يوم القيامة كان بعده وَزْنُ الأعمال، لأن الوزن للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لتقرير الأعمال والوزن لإظهار

<<  <  ج: ص:  >  >>