للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي الهيجاء بن حمدان فنودي عليهما: هذا رأس من عصى مولاه، وهَرَبَ أبو السَّرايا بن حَمْدان إلى المَوْصل، وكان ابن نفيس من أَشَدِّ النَّاس على المقتدر، فلما عاد إلى الخلافة خرج من بغداد متنكرًا فدخل المَوْصل، ثم صار إلى إرْمينيَة، ثم لحق بمدينة القُسْطَنْطينية، فتنصَّرَ [بها] (١) مع أهلها لعنه اللّه وإياهم. وأما مُؤْنس فإنه لم يكن في الباطن على المقتدر، وإنما وافق جماعة الأمراء مكرهًا، ولهذا لما أودع المقتدر في داره لم ينله منه سوء، بل كان يطيِّبُ قلبه، ولو شاء لقتله لما طُلب من داره. فلهذا لما عاد [المقتدر] (٢) إلى الخلافة رجع إلى دار مؤنس فبات [بها] (٣) عنده لثقته به. وقرَّر أبا علي بن مقلة على الوزارة، وولَّى محمد بن يوسف أبا عمر قضاء القضاة، وجعل محمدًا أخاه - وهو القاهر بالله - عند والدته بصفة محبوس (٤) عندها، فكانت تحسن إليه غاية الإحسان، وتشتري له السَّراري، وتكرمه غاية الإكرام.

ذِكْرُ أخْذِ القرامطة الحجر الأسْود إلى بلادهم وما كان منهم إلى الحجيج، لعن الله القرامطة

خرج ركب العراق وأميرهم مَنْصور الدَّيْلَمي، فوصلوا إلى مكة سالمين، وتوافت الركوب من كلِّ جانب (٥)، فما شعروا إِلَّا بالقِرْمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية، فانتهب أموالهم، واستباح قتالهم، فقتل النَّاس في رحاب مكة وشعابها حتى في المسجد الحرام، وفي جَوْف الكعبة، وجلس أميرهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجَنَّابي لعنه اللّه على باب الكعبة، والرجال تصرع حوله، [والسيوف تعمل في الناس] (٦) في المسجد الحرام في الشهر الحرام ثم في يوم التروية، الذي هو من أشرف الأيام، وهو يقول:

أنا باللّه وباللّه أنا … يخلق الخَلْق وأُفنيهم أنا

فكان النَّاس يفرون [منهم] (٧) فيتعلَّقون بأستار الكعبة، فلا يجدي ذلك عنهم شيئًا، [بل] (٨)


(١) ما بين حاصرتين من (ط).
(٢) ما بين حاصرتين من (ط).
(٣) ما بين حاصرتين من (ط).
(٤) في النسخ الخطية: بصفته محتبس عندها، والمثبت من (ط).
(٥) في (ط): وتوافت الركوب هناك من كل مكان وجانب وفج.
(٦) ما بين حاصرتين من (ط).
(٧) ما بين حاصرتين من (ط).
(٨) ما بين حاصرتين من (ط).

<<  <  ج: ص:  >  >>