للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي وقاص الزُّهري، وعلى القراء: جَبَلة بن زحر بن قيس الجعفيّ، وكان فيهم سعيد بن جبير، وعامر الشعبي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وكُميل بن زياد - وكان شجاعًا فاتكًا على كبر سنه - وأبو البختري الطائي وغيرهم، وجعلوا يقتتلون في كل يوم، وأهل العراق تأتيهم الميرة من الرساتيق والأقاليم، من العلف والطعام، وأما أهل الشام الذين كانوا مع الحجاج فهم في أضيق حال من العيش وقلة من الطعام وقد فقدوا اللّحم بالكلية فلا يجدونه، وما زالت الحرب في هذه المدة كلها حتى انسلخت هذه السنة وهم على حالهم وقتالهم في كل يوم أو يوم بعد يوم، والدائرة لأهل العراق على أهل الشام في أكثر الأيام. [وقد قتل من أصحاب الحجاج زياد بن غنم، وكسر بسطام بن مصقلة في أربعة آلاف جفون سيوفهم واستقتلوا وكانوا من أصحاب ابن الأشعث] (١).

[وفي هذه السنة كانت وفاة]

المهلب بن أبي صفرة (٢) [وهو ظالم، أبو سعيد الأزدي، أحد أشراف أهل البصرة، ووجوههم، ودهاتهم، وأجوادهم، وكرمائهم، ولد عام الفتح، وكانوا ينزلون فيما بين عُمان والبحرين، وقد ارتد قومه فقاتلهم عكرمة بن أبي جهل فظفر بهم، وبعث بهم إلى الصدِّيق وفيهم أبو صفرة وابنه المهلّب غلام لم يبلغ الحنث، ثم نزل المهلب البصرة وقد غزا في أيام معاوية أرض الهند سنة أربع وأربعين، وولي الجزيرة لابن الزبير سنة ثمان وستين، ثم ولي حرب الخوارج أول دولة الحجاج، وقتل منهم في وقعة واحدة أربعة آلاف وثمانمئة (٣)، فعظمت منزلته عند الحجاج. وكان فاضلًا شجاعًا كريمًا يحب المدح، وله كلام حسن، فمنه:

نعم الخصْلة السّخاء تستر عورة الشريف، وتمحق خسيسة الوضيع، وتحبِّب المزهود فيه.

وقال: يعجبني في الرجل خصلتان أن أرى عقله زائدًا على لسانه، ولا أرى لسانه زائدًا على عقله (٤).

توفي المهلب غازيًا بمرو الروذ وعمره ست وسبعون سنة . وكان له عشرة من الولد وهم: يزيد، وزياد، والمفضل، ومدرك، وحبيب، والمغيرة، وقبيصة، ومحمد، وهند، وفاطمة. توفي المهلب في ذي الحجة منها، وكان من الشجعان المشهورين والأبطال المذكورين وله مواقف حميدة، وغزوات مشهودة في الترك والأزارقة وغيرهم من أنواع الخوارج وأصناف الكفرة، وقد أوصى عند موته


(١) ما بين معكوفين ساقط من أ، ب والخبر يوافق ما ورد في تاريخ الإسلام للذهبي (حوادث سنة ٨١ - ١٠٠/ ص ١٢).
(٢) ترجمة - المهلب بن أبي صفرة - في طبقات ابن سعد (٧/ ١٢٩) وتاريخ خليفة (٢٠٥) وطبقاته (٢٠١) وتاريخ البخاري (٨/ ٢٥). وأنساب الأشراف (١/ ٢٣٢) وتاريخ دمشق (٦١/ ٢٨٠ - ٣٠٥) ووفيات الأعيان (١/ ٢٧٢) وتهذيب الكمال (١٨/ ٤٣١) وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٨١ - ١٠٠/ ص ٢٠٥ - ٢٠٨) وسير أعلام النبلاء (٤/ ٣٨٣) وتهذيب التهذيب (١٠/ ٣٢٩ - ٣٣٠) والإصابة (٣/ ٥٣٥) وشذرات الذهب (١/ ٣٣٤).
(٣) الخبر في سير أعلام النبلاء (٤/ ٣٨٤).
(٤) المقولتان في تاريخ الإسلام للذهبي (ص ٢٠٧).