للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي النصف من جمادى الأولى من هذه السنة فاض ماء البحر المالح ووافى الأبلّة، ودخل البصرة بعد يومين.

وفيها: غزا محمود بن سُبُكْتِكين بلاد الهند أيضًا، وتواقع هو وملك ملوك الهند، فاقتتل الناس قتالًا عظيمًا، ثمّ انجلت عن هزيمة [عظيمة على] الهند، [وأخذ المسلمون يقتلون فيها كيف شاؤوا] وأخذوا منهم أموالًا عظيمةً من الجواهر والذهب والفضّة، ومئتي فيل، واقتصّوا آثار المنهزمين، وهدموا معاقلَ كثيرة جدًّا، ثمَّ عاد إلى غزنة مؤيّدًا منصورًا.

وفيها: استوزر سلطان الدولة ذا السعادتين أبا غالب الحسن بن منصور.

ولم يحجّ في هذه السنة أحد من أهل العراق لفساد البلاد وعبث الأعراب.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

رَجاء بن عيسى بن محمد (١) أبو العباس [الأنصناويُّ]، نسبة إلى قرية من قرى مصر يقال لها أنْصِنا (٢)، قدم بغداد فحدّث بها وسمع منه الحفاظ، وكان ثقة، فقيهًا، مالكيًا، عدلًا، مقبولًا عند الحكام، مرضيًا، فَرَضيًّا، ثمّ عاد إلى بلده، وتوفي بها في هذه السنة، وقد جاوز الثمانين. رحمه اللَّه تعالى.

عبد اللَّه بن محمد بن أبي علان (٣) أبو أحمد، قاضي الأهواز، كان ذا يسرة كثيرة، وله مصنفات منها كتاب "في معجزات النبي " جمع فيه ألف معجزة، وكان من كبار شيوخ المعتزلة. توفي في هذه السنة عن تسع وثمانين سنة.

علي بن نصر بن أبي الحسن (٤) مهذب الدَّولة، صاحب بلاد البطيحة (٥)، كانت له مكارم كثيرة، وكان الناس يلجؤون إليه في الشدائد فيُؤويهم، ويحسن إليهم، ومن أكبر مناقبه في ذلك إحسانه إلى أمير المؤمنين القادر باللَّه حين استجار به، ونزل عنده بالبطايح فارًّا من الطائع للَّه، فآواه، وأحسن إليه، وكان في خدمته حين ولي إمرة المؤمنين، فكانت له بها عنده اليد البيضاء، وقد ولي البطايح ثنتين وثلاثين سنة


(١) المنتظم (٧/ ٢٩٠)، الكامل في التاريخ (٩/ ٣١١).
(٢) أنْصِنا، بالفتح ثم السكون، وكسر الصاد المهملة والنون مقصور: مدينة أزلية من نواحي الصعيد على شرقي النيل. معجم البلدان (١/ ٢٦٥)، وقد تحرفت في (أ) و (ب) إلى أنصار. وقد ينسب إليها "أنصناني" كما بخط الذهبي في تاريخ الإسلام (٩/ ١٣٩)، لكن ما هنا هو المشهور، وهو الذي في تاريخ الخطيب (٩/ ٤٠٢ ط. د. بشار) وغيره.
(٣) المنتظم (٧/ ٢٩٠)، الكامل في التاريخ (٩/ ٣١١).
(٤) المنتظم (٧/ ٢٩٠)، الكامل في التاريخ (٩/ ٣٠٢).
(٥) البطيحة: أرض واسعة بين واسط والبصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>