للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم دخلت سنة إحدى وثمانين (١) وثلاثمئة

فيها كان القبض على الخليفة الطائع للَّه، وخلافة القادر باللَّه أبي العباس أحمد بن الأمير إسحاق بن المقتدر باللَّه، وكان ذلك في يوم السبت التاسع عشر من شعبان من هذه السنة، [وذلك أنه] (٢) جلس الخليفة على عادته في الرِّواق، وقعد الملك بهاء الدولة على السرير، ثم أرسل من اجتذب الخليفة بحمائل سيفه عن السرير، ولفُّوه في كساء، وحملوه إلى الخزانة من دار المملكة، وتشاغل النَّاس بالنهب، ولم يدر [أكثر] (٣) النَّاس ما الخطبُ ولا ما الخبر، حتى إن كثيرًا منهم يظن أن الملك بهاء الدولة هو الذي مسك (٤)، فنهبت الخزائن والحواصل وشيء كثير من أثاث دار الخلافة، حتى أخذت ثياب الأعيان من القضاة (٥) والشهود ممن كان بدار الخلافة، وجرت كائنة عظيمة جدًا، ورجع بهاء الدولة إلى داره، وكتب على الطائع كتابًا بالخَلْع (٦)، وشهد عليه الأشراف والقضاة (٧) أنه قد خلع نفسه عن الخلافة، وسلَّمها إلى القادر باللَّه، ونودي بذلك في الأسواق، وتشغبت الدَّيْلم والأتراك وطالبوا برسم البيعة، وراسلوا بهاء الدولة في ذلك، وتطاول الأمر إلى يوم الجمعة، فلم يمكنوا من الدُّعاء له على المنبر بصريح اسمه، بل قيل: اللهم أصْلِحْ عبدك وخليفتك القادر باللَّه، ولم يُسَمَّ، ثم أُرْضيَ وجوههم وأكابرهم، وأخذت البيعة له واتفقت الكلمة، وأَمَرَ بهاء الدولة بتحويل جميع ما في دار الخلافة من الأواني والفُرُش والأثاث وغير ذلك إلى داره، وأبيحت للعامة والخاصة، فقلعوا أبوابها وشبابيكها، وشعثوا أبنيتها، ثم بيعوا بعد ذلك، هذا كله والخليفة القادر باللَّه في أرض البطيحة قد هرب من الطائع للَّه حين كان يطلبه. ولما ركب إلى بغداد منعته الدَّيْلَم من الدخول إليها حتى يعطيهم رسم البيعة، وجَرَتْ بينهم خطوب كثيرة طويلة، ثم رضوا [عنه] (٨) ودخل بغداد، وكان يومًا مشهودًا، وكانت مدة هربه بأرض البطيحة


(١) في (ط): وسبعين، وهو تحريف.
(٢) ما بين حاصرتين من (ط).
(٣) ما بين حاصرتين من (ط) و (ب).
(٤) في (ط): حتى أن كبير المملكة بهاء الدولة ظن الناس أنه هو الذي مسك. والعبارة مضطربة محرفة كما ترى.
(٥) في (ط) والقضاة.
(٦) في (ط) زيادة: من الخلافة.
(٧) في (ط) زيادة: وغيرهم.
(٨) ما بين حاصرتين من (ط).

<<  <  ج: ص:  >  >>