للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم اسْتَشْهَدَ البَيهَقِيّ على هذا الجواب الأخير بما رواه مسلم، من حديث الأعمش، عن أبي سُفْيانَ، عن جابر، قال: قال رسول اللَّه : "يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ على مَا مَاتَ عَلَيهِ" (١).

قال: وروينا عن فَضالةَ بنِ عُبَيْد عن رَسُول اللَّهِ : أنّه قال: "مَنْ ماتَ على مَرْتَبَةٍ مِنْ هَذِه المراتِب بعثَ عَلَيْهَا يَوم القِيامَة" (٢).

وقد قال أبو بكر بن أبي الدنيا: أخبرنا أحمدُ بنُ إبراهيم بن كثير، حدثنا زيدُ بن الحُبَابِ، عن معاوية بن صالح، أخبرني سعيد بن هانئ، عن عمرو بن الأسود، قال: أوصاني مُعاذ بامرأته، وخرج، فماتت، فدفَنّاها، فجاءنا وقد رفَعْنَا أَيْدِيَنا مِن دَفْنِها، فقال: في أيّ شَيْءٍ كَفَّنْتُموها؟ قلنا: في ثيابِها، فأمر بها فَنُبِشَتْ، وكَفَّنهَا في ثيابٍ جُدُدٍ، وقال: أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتاكُمْ فإنّهم يُحْشَرُون فِيهَا (٣).

وقال أيضًا: حدّثني محمد بن الحُسَيْن، حدّثنا يحيى بن إسحاق، [أخبرنا إسحاق] بنُ سيّار بن نصر، عن الوليد بن أبي مروان (٤)، عن ابن عباس، قال: يُحْشَرُ الموتَى في أكفانهم (٥).

وكذا روي عن أبي العَالية (٦).

وعن صالح المُرِّيّ، قال: بلغني أنّهم يخرجون من قبورهم في أكفانٍ دَسِمَةٍ، وأبدَانٍ بَالِيَةٍ، مُتَغَيِّرَةٌ وجوهُهم، شعَثةٌ رؤوسُهُم، نَهِكَةٌ أجْسامُهُمْ، طائرة قلوبهم من صدورهم وحناجرهم، لا يَدْرِي القوم ما مَوْئِلُهُمْ إلا عِنْد انصرافهم من الموقف، فمُنْصَرَفٌ بِه إلى الجنة، ومنصرَف به إلى النَّارِ، ثم صاح بأعلى صوته: يا سوء مُنْصَرَفَاهُ إنْ أنْتَ لَمْ تَغَمَّدْنَا مِنْك بِرَحْمَةٍ واسعةٍ، لِما قَدْ ضاقَتْ صدُورنا من الذُّنُوب العِظام، والجرائم التي لا غافر لها غَيْرُك.

[ذكر شيء من أهوال يوم القيامة]

قال اللَّه تعالى: ﴿فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (١٥) وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (١٦) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ


(١) رواه مسلم رقم (٢٨٧٨).
(٢) رواه أحمد في المسند (٦/ ١٩) وهو حديث صحيح.
(٣) رواه ابن أبي الدنيا في "الأهوال" (١٠٩) ويغني عن هذا الحديث قوله : "إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه إن استطاع" رواه مسلم رقم (٩٤٣).
(٤) في الأصول: ابن أبي ثروان.
(٥) رواه ابن أبي الدنيا في "الأهوال" (١١٠).
(٦) رواه ابن أبي الدنيا في "الأهوال" (١١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>