للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما يُدريك أنه ابني؟ ولعله أنْ يولد في هذا اليوم مولودٌ غيره؟ قال: قد وافق ابنك الاسم، ولم يكنْ الله يشبِّه علمَهُ على العلماء، فإنه حجَّة. وآيةُ ذلك أنه الآن وَجِع، فيشتكي (١) أيامًا ثلاثة. فيظهر به الجوع ثلاثًا ثم يُعافى؛ فاحفظ لسانك، فإنه لم يُحسَدْ أحدٌ حَسَدَهُ قطّ، ولم يُبْغَ على أحدٍ كما يُبْغَى عليه، إنْ تعشْ حتى يبدوَ مقالُه، ثم يدعو، لَظَهر (٢) لك من قومك ما لا تحتمله، إلا على صبرٍ على ذُلّ؛ فاحفظْ لسانك ودَارِ عنه. قال: فما عمره؟ قال: إنْ طال عمره أو قَصُر لم يبلغِ السبعين، يموت في وِترٍ دونها من السنين، في إحدى وستين أو ثلاثٍ وستين، في أعمار جُلِّ أمَّته.

قال: وحُمل برسولِ الله في عاشوراء المُحَرَّم. وولد يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلةً خلتْ من رمضان سنة اثنتين وعشرين (٣) من غزوةِ أصحاب الفيل.

هكذا رواه أبو نعيم، وفيه غرابة.

[ذكر مراضعه وحواضنه ]

كانت أم أيمن واسمها بَرَكَة تحضُنه، وكانت ممن ورِثها من أبيه، فلما كبر أعتقها وزوَّجها مولاه زيد بن حارثة، فولدت له أسامةَ بن زيد . وأرضعته مع أمه مولاةُ عمِّه أبي لهب ثُوَيبة قبل حَلِيمة السعدية.

أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما (٤) من حديث الزُّهري عن عروة بن الزُّبير، عن زينب بنت أم سَلمة عن أُمَّ حَبِيبة بنت أبي سفيان. قالت: يا رسولَ الله، انْكِحْ أختي بنتَ أبي سفيان -ولمسلم عزَّة بنت أبي سفيان- فقال رسول الله : "أوَ تُحبِّينَ ذلك"؟ قلت: نعم، لستُ لك بِمُخْلِيَة (٥)، وأحَبُّ مَنْ شاركني في خيرٍ أُختي، فقال النبيُّ : "فإنَّ ذلك لا يَحِلُّ لي" قلت: فإنَّا نُحَدَّثُ أنك تريدُ أنْ تَنْكِحَ بنتَ أبي (٦) سلمة -وفي رواية دُرَّة بنت أبي سَلَمة- قال: "بنت أمِّ سَلَمة"؟ قلت: نعم،


(١) في (ح): أنه الآن يشتكي وجع، والمثبت من ط. وتاريخ ابن عساكر.
(٢) كذا في ح، ط، وفي تاريخ ابن عساكر: يظهر، وهو أشبه بالصواب.
(٣) كذا في ح وط وتاريخ ابن عساكر: سنة ثلاث وعشرين. قلت: وفى سنة ولادته خلاف، جمعه وساق أخباره الزرقاني في شرح المواهب (١/ ١٥٧).
(٤) فتح الباري (٥١٠١) النكاح باب وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم، وصحيح مسلم (١٦ - ١٤٤٩) في الرضاع، باب تحريم الربيبة وأخت المرأة.
(٥) "مخلية": أي منفردة. مشارق الأنوار (١/ ٢٣٩) وفي اللسان (خلو): لم أجدك خاليًا من الزوجات غيري.
(٦) في ح: أم، والمثبت من ط والبخاري ومسلم.