للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العصر إذ قال: "بأيّ بلادِ الله شَكَر؟ " فقام الجُرَشيّان فقالا: يا رسول الله، ببلادنا جبل يقال له كَشَر -وكذلك يسميه (١) أهل جرش- فقال: "إنه ليس بكشر، ولكنه شكر" قال: فما شأنه يا رسول الله؟ فقال: "إن بُدْنَ الله لتُنْحَر عنده الآن" قال: فجلس الرجلان إلى أبي بكر أو إلى عثمان، فقال لهما: ويحكما إنّ رسول الله الآن ليَنْعَى إليكُما قومَكُما، فقوما إليه، فاسألاه أن يدعوَ الله فيرفعَ عن قَوْمِكما، فقاما إليه، فسألاه ذلك، فقال: "اللهم ارفع عنهم" فرجعا فوجدا قومهما قد أصيبوا يوم أخبر عنهم رسول الله . وجاء وفد أهل جرش بمن بقي منهم، حتى قدموا على رسول الله ، فأسلموا وحسن إسلامهم، وحمى لهم [حِمىً] (٢) حول قريتهم.

قدُومُ رسول ملوك حِمْيَر إلى رسول الله -

قال الواقدي (٣): وكان ذلك في رمضان سنة تسع.

قال ابن إسحاق (٤): وقدم على رسول الله كتاب ملوك حمير ورسلهم بإسلامهم مقْدَمَه من تبوك، وهم الحارث بن عبد كُلال، ونُعيم بن عبد كُلال، والنُّعمان قَيْل (٥) ذي رُعَين، ومَعَافِر (٦)، وهَمْدَان، وبعث إليه زُرعة ذو يزن مالكَ بن مرة الرَّهاوي بإسلامهم ومفارقتِهم الشركَ وأهلَه، فكتب إليهم رسول الله (٧):

"بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله النبي إلى الحارث بن عبد كُلال ونُعيم بن عبد كُلال والنعمان قَيْلِ ذي رُعَين ومَعَافِر وهَمْدَان، أما بعد ذلكم؛ فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، فإنّه قد وقع بنا رسولُكُم منقلبَنا من أرض الروم، فلقيَنا بالمدينة، فبلّغ ما أرسلتم به، وخبَّرنا ما قبلكم، وأنبأنا بإسلامكم وقتلكم المشركين، وإنّ الله قد هداكم بهُداه، إنْ أصلحتم وأطعتم اللهَ ورسولَه، وأقمتُم الصلاةَ، وآتيتُم الزكاة، وأعطيتم من المغانم خُمُسَ الله، وسهمَ النبي وصفيَّه، وما كُتب على المؤمنين في (٨) الصدقة من العقار عُشْرُ ما سَقَت العينُ وسَقَت السماءُ، وعلى ما سَقَى الغَرْب (٩) نصفُ


(١) في ط: (تسمية).
(٢) الزيادة من سيرة ابن هشام.
(٣) تاريخ الطبري (٣/ ١٢٠).
(٤) سيرة ابن هشام (٢/ ٥٨٨) وانظر طبقات ابن سعد (١/ ٣٥٦).
(٥) القيل: الملك أو هو دون الملك، أي يقول ما شاء فينفذ قوله (اللسان: قول).
(٦) مَعَافِر: بالفتح اسم قبيلة من اليمن (معجم البلدان: معافر).
(٧) مجموعة الوثائق السياسية رقم (١٠٩) ص (١٤٤ - ١٤٦).
(٨) في السيرة: (من).
(٩) الغرب: الدلو العظيمة (القاموس: غرب).