أحداث الكوفة إسحاق بن الصباح الكندي، وعلى خراجها ثابت بن موسى وعلى قضائها شريك بن عبد اللَّه النَّخعي وعلى أحداثِ البصرة عمارة بن حمزة، وعلى صلاتِها عبدُ الملك بن أيوب بن ظبيان النَّمَري، وعلى قضائها عُبيد اللَّه بن الحسن العَنْبَري.
وفيها تُوفي:
عبدُ العزيز بن أبي رَوَّاد.
وعكرمة بن عمار.
ومالك بن مِغْوَل.
ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب المدني، نَظِير مالك بن أنس في الفقه، وربما أنكر على مالك أشياءَ ترَكَ الأخذَ فيها ببعضِ الأحاديث كان يراها مالكٌ من إجماعِ أهلِ المدينة، وغير ذلك من المسائل.
[ثم دخلت سنة ستين ومئة]
فيها خرج رجلٌ بِخُراسان على المهدي مُنكرًا عليه أحوالَهُ وسيرتَه، وما يتعاطاه؛ يُقال له يوسف البرم، والتفَّ عليه خلقٌ كثير، وتفاقَمَ الأمر، وعَظُم الخطبُ به، فتوجَّه إليه يزيدُ بنُ مَزْيَد، فلَقِيَهُ فاقتتلا قتالًا شديدًا حتى تنازلا وتعانقا، فأسر زيدُ بن مزيد يوسُفَ هذا، وأسَرَ جماعةً من أصحابِه، فبعثهم إلى المهدي، فأُدخلوا عليه وقد حُملوا على جمالٍ مُحَوَّلة وجوهُهم إلى ناحيةِ أذنابِ الإبِل، فأمر الخليفةُ هَرْثَمَةَ أنْ يقطعَ يدي يوسُفَ ورجلَيْه ثم يضربَ عُنقَه وأعناقَ منْ معه وصَلَبَهم على جسرِ دِجْلَةَ الأكبر مما يلي عسكر المهدي، وأطفأ اللَّه نائرَتَهم (١) وكْفَى شرَّهم.
[ذكر البيعة لموسى الهادي وهارون الرشيد]
ذكرنا أنَّ المهدي ألحَّ على عيسى بن موسى أنْ يخلَعَ نفسَه، وهو مع كلِّ ذلك يمتنعُ وهو مُقيمٌ بالكوفة، فبعث إليه المهدي أحدَ القوَّادِ الكبار، وهو أبو هريرة محمد بن فرُّوخ في ألفٍ من أصحابهِ لإحضارِهِ إليه، وأمَرَ كلَّ واحدٍ منهم أنْ يحملَ طبلًا، فإذا واجهوا الكوفةَ عند إضاءةِ الفجر ضَرَبَ كلُّ واحدٍ منهم على طبلِه. ففعلوا ذلك، فارتَجَّتِ الكوفة، وخاف عيسى بنُ موسى فلمَّا انتهَوْا إليه دعَوْهُ إلى حضرةِ الخليفة، فأظهرَ أنه يَشتكي، فلم يقبلوا ذلك منه، بل أخذوه معهم، فدخلوا به على الخليفة في
(١) "النائرة": العداوة والشحناء والفتنة؛ ونار الحرب ونائرتها: شرُّها وهيجها. لسان العرب (نور). وإطفاء النائرة: عبارة عن تسكين الفتنة وهي فاعلة من النار. المصباح المنير. والمغرب (٢/ ٣٣٢) (نور).