للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ببدنك؟! وأنه ضرب رجلين؛ إمامًا ومؤذنًا، كلّ واحدٍ ألفَ سوطٍ؛ لكونهما هدما بيتَ أصنامٍ، فاتخذاه مسجدًا. وأنَّه عنده كتاب "كليلة ودمنة"، وفيه الكفر، وهو محلّى بالجواهر والذهب، فاعتذر بأنه ورثه من أبيه. واتُّهم بأنَّ الأعاجم يكاتبونه (١) فتقول: إلى إله الآلهة من عبيده، وأنَّه يقرُّهم على ذلك. فجعل يعتذر بأنه إنما أجراهم على ما كانوا يكاتبون به آباءه وأجداده، وخاف أن يأمرهم بترك ذلك فيتَّضع عندهم.

فقال له الوزير: ويحك! فإذا أبقيتَ لفرعون (٢) حين قال: ﴿أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى﴾ [النازعات: ٢٤] وأنه كان يكاتب المازيار بأن يخرجَ عن الطاعة وأنه حئقه حتى ينصر دينَ المجوس الذي كان قديمًا، ويظهره على العرب والمغاربة والأتراك، وأنه كان يستطيب المخنوقة على المذبوحة، وأنه كان في كلّ يوم أربعاء يستدعي بشاة سوداء فيضربها بالسيف نصفين، ويمشي بينهما، ثم يأكلهما. فعند ذلك كُلِّه أمر المعتصم بُغا الكبير فسحبه (٣) إلى سجنه مهانًا ذليلًا، فجعل يقول: أما (٤) كنتُ أتوقع منكم ذلك.

وفي هذه السنة حمل عبد اللَّه بن طاهر الحسن بن الأفشين وزوجته أُتُرجَّة بنت أشناس إلى سامرَّاء.

وحجَّ بالناس فيها محمد بن داود.

[وفيها توفي من الأعيان]

أصْبَغُ بن الفَرَج (٥).

وسَعْدُويَه (٦).

ومحمد بن سَلام البيكَنْديّ (٧).


(١) في ط: يكاتبونه، وتكتب إليه في كتبها: أنت إله الآلهة. .
(٢) في أ: لقارون.
(٣) تقرأ في الأصول: فسجنه، ولعل ما أثبته الصواب.
(٤) في ب، ظا: ما كنت، وفي ط: إني كنت.
(٥) أصْبَغ بن الفَرَج بن سعيد بن نافع، أبو عبد اللَّه الأموي المصري المالكي، الإمام الكبير، مفتي الديار المصرية وعالمها. ذكر ابن معين أنه كان من أعلم خلق اللَّه برأي مالك. طلبه المعتصم في المحنة، فهرب واختفى بحُلوان. سير أعلام النبلاء (١٠/ ٦٥٨).
(٦) "وهو سعيد بن سليمان، أبو عثمان الضَّبِّيُّ الواسطيُّ البزَّاز، الملقب بسعدويه. سكن بغداد، ونشر بها العلم. وكان من أهل السنة، وقد أجاب في المحنة، وحين سئل قال: كفرنا ورجعنا. ثقة. حافظ. مات وله مئة سنة. سير أعلام النبلاء (١٠/ ٤٨١)، وتقريب التهذيب (١/ ٢٩٨).
(٧) محمد بن سَلام بن الفَرَج، أبو عبد اللَّه السُّلمي البخاري البيكَنْدي. كان من أوعية العلم، وأئمة الأثر. ثقة، ثبت. سير أعلام النبلاء (١٠/ ٦٢٨)، وتقريب التهذيب (٢/ ١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>