للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم رواه سيفٌ، عن مجالد، عن الشعبيّ بنحو هذا.

وقال عبد الله بن وهب، عن يحيى بن أيوب، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أنَّ عمرَ وجَّه جيشًا ورأَّسَ عليهم رجلًا (يقال له سارية) قال: فبينما عمرُ يخطب (فجعل ينادي): يا ساري الجبل (يا ساري الجبل ثلاثًا) ثم قدم رسولُ الجيش فسأله عمر: فقال: يا أميرَ المؤمنين هُزمنا، فبينما نحن كذلك إذ سمعنا مناديًا: يا سارية الجبلَ، ثلاثًا -فأسندنا ظهورنا بالجبل، فهزمهم الله. قال: فقيل لعمر: إنك كنتَ تصيحُ بذلك. وهذا إسناد جيد حسن.

وقال الواقدي: حدَّثني نافعُ بن أبي نُعيم، عن نافع مولى ابن عمر. أنَّ عمر قال على المنبر: يا سارية بن زُنَيْم الجبلَ. فلم يدرِ الناسَ ما يقولُ حتى قدم ساريةُ بن زُنَيْم المدينةَ على عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، كنّا محاصري العدوّ فكنَّا نُقيم الأيامَ لا يخرج علينا منهم أحدٌ، نحن في خفضٍ من الأرض وهم في حصنٍ عالٍ، فسمعتُ صائحًا يُنادي بكذا وكذا يا سارية بن زُنَيْم الجبلَ، فعلوتُ بأصحابي الجبلَ، فما كان إلا ساعةً حتى فتحَ اللهُ علينا.

وقد رواه الحافظ أبو القاسم اللالكائي من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر بنحوه، وفي صحته من حديث مالك نظر.

وقال الواقدي: حدَّثني أسامةُ بن زيد عن أسلم عن أبيه، وأبو سليمان عن يعقوب بن زيد قالا: خرج عمر بن الخطاب يوم الجمعة إلى الصلاة، فصعدَ المنبر، ثم صاح: يا سارية بن زُنَيْم الجبلَ (يا سارية بن زُنَيْم الجبلَ)، ظُلِمَ منِ اسْتَرْعى الذئبَ الغنمَ. ثم خطب حتى فرغ، فجاء كتابُ سارية إلى عمر: إنَّ الله قد فتح علينا يوم الجمعة ساعة كذا وكذا -لتلك الساعة التي خرج فيها عمر فتكلم (١) على المنبر- قال: سارية فسمعت صوتًا يا سارية بن زُنَيْمِ الجبلَ، يا سارية بن زنيم الجبل، ظلم من استرعى الذئب الغنم، فعلوت بأصحابي الجبل، ونحن قبل ذلك في بطن وادٍ، ونحن محاصرو العدو. ففتحَ الله علينا. فقيل لعمر بن الخطاب: ما ذلك الكلام؟ فقال: والله ما ألقيت له إلَّا بشيء ألْقِيَ على لساني. فهذه طرقٌ يشدُّ (٢) بعضُها بعضًا.

[فتح كَرْمان وسِجْسِتان ومُكران]

ثم ذكر ابنُ جرير (٣) من طريق سيفٍ عن شيوخه فتحَ كَرْمان على يديْ سُهَيْل بن عدي وأمدَّه عبد الله بن عبد الله بن عِتْبان، وقيل على يَدَيْ عبد الله بن بُدَيْل بن ورقاء الخُزاعي، وذكر فتح سِجْسِتان (٤) على


(١) في أ: ليتكلم.
(٢) في أ: تشدّ.
(٣) في تاريخه (٤/ ١٨٠ - ١٨١).
(٤) سجستان: ناحية كبيرة وولاية واسعة، تقع جنوبي هراه وبينهما عشرة أيام ثمانون فرسخًا، وأرضها كلّها رملية=