للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: العملُ لأجلِ الناسِ شِرْك، وتَرْكُ العملِ لأجلِ الناسِ رياء؛ والإخلاصُ أنْ يُعافيكَ اللَّه منها.

وقال له الرشيدُ يومًا: ما أزْهَدَك! فقال: أنتَ أزهدُ مني، لأني أنا زَهِدْتُ في الدنيا التي هي أقل من جناحِ بعوضة، وأنتَ زهدْتَ في الآخرةِ الباقيَةِ؛ فأنا زاهدٌ في الفانِي، وأنتَ زاهدٌ في الباقي؛ ومنْ زَهدَ في دُرَّةٍ، أزهَدُ ممَّنْ زَهِدَ في بَعْرَة.

وقد رُوي مثلُ هذا عن أبي حازمٍ أنه قال ذلك لسليمانَ بنِ عبدِ الملك.

وقال: لو أنَّ لي دعوةً مستجابةً لجعلتُها للإمام؛ لأنَّ بهِ صلاحَ الرَّعيَّة، فإذا صَلَحَ أمِنَتِ العبادُ والبلاد.

وقال: إني لأعصي اللَّه، فأعرفُ ذلك في خُلُقِ حماري وخادمي وامرأتي وفأرِ بيتي.

وقال في قوله تعالى: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ [هود: ٧ والملك: ٢]. قال: يعني أخلصَهُ وأصوبَهُ؛ إنَّ العمل يجبُ أنْ يكونَ خالصًا للَّه، وصوابًا على متابعةِ النبيِّ .

[وفيها توفي]

بشرُ بن المفضَّل.

وعبدُ السلام بن حرب.

وعبدُ العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْديّ.

وعبدُ العزيز العمِّي.

وعلي بن عيسى الأميرُ ببلادِ الروم مع القاسم بنِ الرشيد في الصائفة.

ومعتمرُ بن سليمان.

وأبو شُعيب البَرَاثيُّ الزاهد (١): وكان أولَ منْ سكنَ بَراثا (٢) في كوخٍ له يتعبَّدُ فيه، فهَوِيَتْهُ امرأةٌ من


= الجيفة أن تمسَّ ثيابه".
(١) ترجمته في حلية الأولياء (١٠/ ٣٢٣)، تاريخ بغداد (١٤/ ٤١٨)، صفة الصفوة (٢/ ٣٨٨)، معجم البلدان (١/ ٣٦٣).
(٢) كذا في الأصول، ومعجم البلدان، بألف، والوجه "بَرَاثى" بألف على شكل الياء، لأنها حرف رابع في الاسم، وبالثاء المثلثة والقصر؛ وهي محلَّةٌ كانت في طرَفِ بغداد، فى قبلةِ الكَرْخ، وجنوب بابِ مُحَوِّل. وكان لها جامع مفرَد تصلِّي فيه الشيعة، وقد خَرِب عن آخره، وكذلك المحلَّة، لم يبق لها أثر. وكانت براثا قبلَ بناءِ بغداد قرية يزعمون أن عليًّا مر بها لما خرج لقتال الحرورية بالنهروان وصلى في موضع من الجامع المذكور، وذكر أنه دخل =

<<  <  ج: ص:  >  >>