للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجْهَشْتُ للنَّوْبادِ حِينَ رأيتُهُ … وهلَّلتُ (١) للرحمنِ حينَ رآني

وقلتُ له أينَ الَّذين عَهدتُهُمْ … بظلّكَ في (٢) أمن وأين زماني

فقالَ مضوا واستخْلَفُوني مكانَهُم … ومَن ذا الَّذي يَبْقَى على الحَدَثانِ (٣)

قال: فتغرغرت عينا المعتضد، وقال: من ذا الذي يبقى على الحَدَثان!؟.

وفي هذه السنة أمر المعتضد بتسهيل عقبة حُلْوان، فغُرم عليها عشرون ألف دينار، وكان الناس يلقون منها شدة عظيمة (٤).

وفيها: وسَّع المعتضد جامع المنصور بإضافة دار المنصور إليه، وغُرم عليه عشرون ألف دينار، وكانت الدارُ قبلتَه، فبناها مسجدًا على حدة وفتح بينهما سبعة عشر بابًا (٥)، وحوَّل المنبر والمحراب (٦) إلى المسجد، ليكون في قبلة الجامع على عادة الخطب (٧). قال الخطيب البغدادي (٨): وزاد بَدْر مولى المعتضد المسقطات من قصر المنصور المعروفة بالبدرية في هذا الوقت.

[ذكر بناء دار الخلافة ببغداد]

أول من بناها المعتضد في هذه السنة. وكان أول من سكنها من الخلفاء إلى آخر دولتهم، وكانت أولًا دارًا للحسن بن سهل تعرف بالقصر الحسني، ثم صارت بعد ذلك لابنته بوران التي تزوج بها المأمون، فعمَّرت فيها حتى استنزلها المعتضد عنها، فأجابته إلى ذلك، ثم أصلحت ما وَهَى منها ورمَّمت ما كان قد تشعَّث فيها، وفرشَتْ في كُلِّ موضع منها ما يليق به من المفارش، وأسكنت فيه ما يليق به من الجواري والخدم، وأعدت بها المآكل الشهية، وما يحسن ادِّخاره في ذلك الزمان، ثم أرسلت بمفاتيحها إلى المعتضد، فلما دخلها أذهله ما رأى فيها من الخيرات، ثم وسَّعها وزاد فيها، وجعل لها سورًا حولها، فكانت قدر مدينة شيراز، وبنى الميدان (٩)، ثم بنى قصرًا مشرفًا على دجلة. ثم


(١) في المنتظم: وهلَّل، وفي معجم البلدان: وسبَّح.
(٢) في ط: في أمنٍ ولين زمان، وفي المنتظم: في خفض وأمن زمان، وفي معجم البلدان: في خفض وعيسى ليان.
(٣) "الحَدَثان": الليل والنهار. وحَدَثان الدهر: نوائبه ومصائبه.
(٤) المنتظم (٥/ ١٤٣)، وانظر في حلوان ونخلتيها معجم البلدان.
(٥) في المنتظم: طاقًا.
(٦) بعدها في المنتظم: والمقصورة.
(٧) تاريخ بغداد (٥/ ٦١)، المنتظم (٥/ ١٤٣). وفي ب، ظا: على عادة الخطيب.
(٨) المنتظم (٥/ ١٤٣).
(٩) في ب، ظا: الميدان والثريا.

<<  <  ج: ص:  >  >>