للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل في كيفية إتيان الوحي إلى رسول الله -

قد تقدم كيفيةُ ما جاءَهُ جبريلُ في أول مرة، وثاني مرة أيضًا.

وقال مالك (١) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة ، أنَّ الحارثَ بن هشام سأل رسولَ اللَّه قال: يا رسول اللَّه، كيف يأتيك الوَحْيُ؟ فقال: "أحيانًا يأتيني مثلَ صَلْصَلَةِ (٢) الجرَس - وهو أشدُّهُ عليَّ - فيفصِمُ عني وقد وعَيْتُ ما قال، وأحيانًا يتمثَّلُ لي الملَكُ رجلًا يُكلِّمُني فأعِيَ ما يقول". قالت عائشة : ولقد رأيتُه ينزل عليه الوحيُ في اليوم الشديدِ البَرْد فيفصِمُ عنه وإنَّ جبينَهُ ليتفَصَّدُ عَرَقًا.

أخرجاه في الصحيحَيْن من حديث مالكٍ به (٣).

ورواه الإمام أحمد (٤) عن عامر بن صالح، عن هشام بن عروة به نحوه.

وكذا رواه عَبْدَة بن سليمان، وأنس بن عياض، عن هشام بن عروة، وقد رواه أيوب السختياني عن هشام عن أبيه عن الحارث بن هشام أنه قال: سألتُ رسول الله فقلت: كيف يأتيك الوحي؟ فذكره، ولم يذكر عائشة.

وفي حديث الإفك (٥) قالت عائشة: فواللّه ما رام رسولُ اللَّه ولا خرج أحدٌ من أهل البيت حتَّى أُنزل عليه، فأخَذَهُ ما كان يأخذُهُ من البُرَحَاء، حتَّى إنه كان يتحدَّرُ منه مثلُ الجُمَان من العَرَق، وهو في يومٍ شاتٍ من ثقلِ الوحي الذي نزل عليه.

وقال الإمام أحمد (٦): حَدَّثَنَا عبدُ الرزاق، أخبرني يونس بن سُليم قال: أملى عليَّ يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عروة، عن (٧) عبد الرحمن بن عبدٍ القارِيّ: سمعتُ عمر بن الخطاب يقول: كان


(١) الموطأ (١/ ٢٠٢) القرآن باب ما جاء في القرآن.
(٢) في ح، ط: صلصة تصحيف، والمثبت من الموطأ. والصلصلة في الأصل: صوت وقوع الحديد بعضه على بعض ثم أطلق على كل صوت له طنين. فتح الباري (١/ ٢٠).
(٣) فتح الباري (١/ ١٨) بدء الوحي باب حَدَّثَنَا عبد اللَّه بن يوسف. وصحيح مسلم (٢٣٣٣) الفضائل باب عرق النبي في البرد وحين يأتيه الوحى.
(٤) في مسنده (٦/ ١٥٨).
(٥) انظر حديث الإفك مخرَّجًا فيما سيأتي في الجزء الرابع.
(٦) في مسنده (١/ ٣٤)، وإسناده ضعيف لجهالة يونس بن سليم.
(٧) في ح، ط: عروة بن عبد الرحمن، وهو تصحيف، والمثبت من المسند. وما يأتي بين معقوفين منه.