للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدنَوْا منه حِرْصًا على القرآن حتَّى كادت كلاكِلُهم تصيبُه، ثم أسلموا، فأنزل الله أمْرَهم على نبيِّه .

وقال الواقدي (١): حدّثني محمد بن صالح عن ابن أبي حكيم - يعني إسحاق - عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: لما بُعث رسولُ الله -أصبح كلُّ صنم منكَّسًا، فأتت الشياطينُ فقالوا له: ما على الأرض من صنم إِلَّا وقد أصبح منكَّسًا. قال: هذا نبيٌّ قد بُعث، فالتمسوه في قرى الأرياف، فالتمسوه فقالوا: لم نجده. فقال: أنا صاحبه. فخرج يلتمسه، فنودي عليك بحَبَّةِ القلب (٢) - يعني مكة - فالتمسه بها فوجده بها عند قَرْن الثعالب (٣)، فخرج إلى الشياطين فقال: إني قد وجدتُه معه جبريل، فما عندكم؟ قالوا: نزيِّن الشهواتِ في أعْيُنِ أصحابه، ونحبِّبها إليهم قال: فلا آسى إذًا.

وقال الواقدي (٤): حدّثني طلحةُ بن عمرو، عن ابنِ أبي مُليكة، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: لما كان اليوم الذي تنبَّأ فيه رسولُ اللَّه مُنعتِ الشياطينُ من السماء، ورُموا بالشهب، فجاؤوا إلى إبليس فذكروا ذلك له، فقال: أمرٌ قد حدث، هذا نبيٌّ قد خرج عليكم بالأرض المقدسة مَخْرَجَ بني إسرائيل. قال: فذهبوا إلى الشام ثم رجعوا إليه فقالوا: ليس بها أحد. فقال إبليس: أنا صاحبُه فخرج في طلبه بمكة، فإذا رسولُ الله بحِرَاء منحدرًا معه جبريل فرجع (٥) إلى أصحابه فقال: قد بُعث أحمد ومعه جبريل فما عندكم؟ قالوا: الدنيا نحبِّبُها إلى الناس قال: فذاك إذًا.

قال الواقدي (٦): وحدّثني طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس قال: كانت الشياطين يستمعون الوحي، فلما بُعث محمد مُنعوا، فشكَوْا ذلك إلى إبليس فقال: لقد حدث أمر فَرَقِيَ فوق أبي قُبيس - وهو أولُ جبلٍ وُضع على وجه الأرض - فرأى رسولَ اللَّه يصلِّي خلف المقام، فقال: اذهب فاكسرْ عُنقه. فجاء يخطِرُ وجبريل عنده، فركضَه جبريل ركضةً طرحَهُ في كذا وكذا، فولَّى الشيطانُ هاربًا.

ثم رواه الواقدي (٧) وأبو أحمد الزبيري كلاهما عن رباح بن أبي معروف، عن قيس بن سعد، عن مجاهد فذكر مثل هذا وقال: فركضَهُ برجله فرماه بِعَدَن.


(١) لم أجده فيما نقله عنه ابن سعد في الطبقات وأورده أبو نعيم في الدلائل (١/ ٢٩٤) وأبو الفرج بن الجوزي في الوفا (١/ ١٧٦). وذكره أيضًا السيوطي في الخصائص (١/ ١١٠).
(٢) في ط: بجنبة الباب، والمثبت من ح والدلائل والوفا.
(٣) قرن الثعالب، هو قرن المنازل: ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة. معجم البلدان (٤/ ٣٣٢).
(٤) لم أجده فيما نقله عنه ابن سعد في الطبقات وأورده أبو نعيم في الدلائل (١/ ٢٩٥) وذكره السيوطي في الخصائص (١/ ١١١).
(٥) في ح: فدفع. ومعناه: انتهى إلى أصحابه.
(٦) أورده أبو نعيم في الدلائل (١/ ٢٩٦) وذكره السيوطي في الخصائص (١/ ١١٢).
(٧) ذكره السيوطي في الخصائص (١/ ١١٢).