للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاشت إليَّ النفسُ من نحو جعفرٍ … بمُؤْتَةَ إذ لا يَنْفَعُ النّابِلَ النَّبْلُ

وضَمَّ إلينا حُجْزَتَيْهِمْ كِلَيْهِمَا … مُهَاجِرَةٌ لا مُشْركون ولا عُزْل

قال ابن اسحاق (١): فبيَّن قيس ما اختلف فيه الناس من ذلك في شعره؛ أن القوم حاجزوا وكرهوا الموت، وحقَّق انحياز خالد بمن معه. قال ابن هشام: وأمَّا الزهريُّ فقال، فيما بلغنا عنه: أمَّر المسلمون عليهم خالد بن الوليد، ففتح الله عليهم، وكان عليهم حتى رجع إلى المدينة.

* * *

[فصل]

قال ابن إسحاق (٢): حدَّثني عبد الله بن أبي بكر، عن أمِّ عيسى الخُزَاعيَّة، عن أمِّ جعفر بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب، عن جدَّتها أسماء بنت عُمَيس قالت: لمَّا أُصيب جعفر وأصحابه، دخل عليَّ رسول الله ، وقد دبغت أربعين مَنًّا، وعجنت عجيني، وغَسَّلْت بَنِيَّ ودهَّنتهم ونظفتهم.

قالت: فقال رسول الله : "ائتيني ببني جعفر". فأتينه بهم فشمَّهم وذرفت عيناه، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمِّي، ما يُبكيك، أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ قال: "نعم، أُصيبوا هذا اليوم". قالت: فقُمت أَصيح، واجتمع إليَّ النساء، وخرج رسول الله إلى أهله فقال: "لا تغفلوا عن آل جعفر أن تصنعوا لهم طعامًا؛ فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم".

وهكذا رواه الإمام أحمد (٣) من حديث ابن اسحاق.

ورواه ابن ماجه (٤) من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أمِّ عيسى، عن أمِّ عون بنت محمد بن جعفر، عن أسماء، فذكر الأمر بعمل الطعام، والصواب أنَّها أمُّ جعفر وأمُّ عون.

وقال الإمام أحمد (٥): ثنا سفيان، ثنا جعفر بن خالد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر قال: لمَّا جاء نَعي جعفر حين قتل، قال النبيُّ : "اصنعوا لآل جعفر طعامًا، فقد أتاهم أمر يشغلهم". أو: "أتاهم ما يشغلهم".


(١) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٨٣).
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٨٠).
(٣) في "المسند" (٦/ ٣٧٠) وإسناده ضعيف بطوله.
(٤) رواه ابن ماجة رقم (١٦١١): وهو حديث حسن.
(٥) رواه أحمد في "المسند" (١/ ٢٠٥) وإسناده حسن، له شواهده حسب جمع من العلماء.