للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا رواه أبو داود والترمذيُّ وابن ماجه (١) من حديث سُفيان بن عُيينة، عن جعفر بن خالد بن سَارَة المَخْزُوميِّ المكيِّ، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، وقال الترمذيُّ: حسن.

ثم قال محمد بن إسحاق (٢): حدَّثني عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي قال: لما أتى نعيُ جعفر، عرفنا في وجه رسول الله الحُزْنَ. قالت: فدخل عليه رجل، فقال: يا رسول الله، إن النساء عنَّيننا وفتنَّنا. قال: "ارجع إليهنَّ فأسكتْهنَّ". قالت: فذهب ثم رجع، فقال له مثل ذلك. قالت: وربما ضرَّ التَّكلُّف، يعني أهله. قالت: قال: "فاذهب فأسكتْهن، فإن أَبين فاحثُ في أفواههنَّ التُّراب". قالت: وقلت في تفسي: أبعدك الله، فوالله ما تركتَ نفسك، وما أنت بمطيع رسول الله . قالت: وعرفت أنَّه لا يقدر [على أن] يحثي في أفواههنَّ التراب. انفرد به ابن إسحاق من هذا الوجه، وليس في شيء من الكتب.

وقال البخاريُّ (٣): ثنا قتيبة، ثنا عبد الوهَّاب، سمعت يحيى بن سعيد قال: أخبرتني عَمْرَة قالت: سمعت عائشة تقول: لمَّا قُتل ابن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رَوَاحة، جلس رسول الله يُعرف في وجهه الحُزن. قالت عائشة: وأنا أطَّلع من صائر الباب - شقٍّ - فأتاه رجل فقال: أي رسول الله، إن نساء جعفر. وذكر بكاءهنَّ، فأمره أن ينهاهنَّ. قالت: فذهب الرجل، ثم أتى فقال: واللّه لقد غلبننا. فَزَعَمَتْ أنَّ رسول الله قال: "فاحث في أفواههنَّ من التُّرَاب". قالت عائشة، : فقلت: أَرْغَمَ الله أَنْفَكَ، فو الله ما أنت تفعل، وما تركتَ رسول الله من العناء.

وهكذا رواه مسلم وأبو داود والنسائيُّ (٤) من طُرُقٍ، عن يحيى بن سعيد الأنصاريِّ، عن عَمْرَة، عنها.

وقال الإمام أحمد (٥): ثنا وهب بن جرير، ثنا أبي، سمعت محمد بن أبي يعقوب يحدِّث عن الحسن بن سعد، عن عبد الله بن جعفر قال: بعث رسول الله جيشًا، استعمل عليهم زيد بن حارثة، وقال: "إن قُتِلَ زيدٌ أو استشهد فأميركم جعفر، فإن قتل أو استشهد فأميركم عبد الله بن رواحة" فلقوا العدوَّ، فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه، وأتى خبرُهم النبيَّ فخرج إلى


(١) رواه أبو داود رقم (٣١٣٢) والترمذي رقم (٩٩٨) وابن ماجه رقم (١٦١٠)، وهو حديث حسن.
(٢) انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ٣٨١).
(٣) رواه البخاري رقم (٤٢٦٣).
(٤) رواه مسلم رقم (٩٣٥) وأبو داود رقم (٣١٢٢) والنسائي في "السنن الكبرى" رقم (١٨٤٦).
(٥) رواه أحمد في "المسند" (١/ ٢٠٤، ٢٠٥)، وإسناده ضعيف، فإن خالد بن سارة والد جعفر مجهول الحال فقد روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في الثقات، لذلك قال ابن القطاف: لا تعرف حاله ولا أعلم له إلا حديثين. أما قول الحافظ ابن حجر في التقريب أنه "صدوق" ففيه نظر، كما بيناه في "تحرير تقريب التهذيب" (١/ ٣٤٤).