للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال حسان بن ثابت (١) يبكي قتلى بئر معونة -فيما ذكره ابن إسحاق، ، واللَّه أعلم-: [من الوافر]

على قتلى معونة فاستهلّي … بدمع العين سَحّا غير نزرِ

على خيل الرّسول غداة لاقَوا … ولاقتهم مناياهم بقدر

أصابهم الفناء بعقد قومٍ … تُخوّن عقد حبلهمُ بغدر

فيا لهفي لمنذر إذ تولّى … وأعنق في منيّته بصبر

وكائن قد أصيب غداة ذاكم … من أبيض ماجدٍ من سرّ عمرو

غزوة بني النَّضير (٢) وهي التي أنزل اللَّه فيها سورة "الحشر"

في "صحيح البخاريّ" (٣) عن ابن عباسٍ، أنه كان يسمّيها سورة بني النّضير.

وحكى البخاريّ (٤) عن الزّهريّ، عن عروة أنه قال: كانت بنو النّضير بعد بدرٍ بستة أشهرٍ قبل أحدٍ.

وقد أسنده ابن أبي حاتمٍ في "تفسيره" (٥) عن أبيه، عن عبد اللَّه بن صالحٍ، عن اللّيث، عن عقيلٍ، عن الزّهريّ به.

وهكذا روى حنبل بن إسحاق، عن هلال بن العلاء، عن عبد اللَّه بن جعفرٍ الرّقِّيّ، عن مطرّف بن مازنٍ اليمانيّ، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، فذكر غزوة بدرٍ في سابع عشر رمضان سنة اثنتين، قال: ثم غزا بني النضير، ثم غزا أحدًا في شوالٍ سنة ثلاثٍ، ثم قاتل يوم الخندق في شوالٍ سنة أربعٍ.

وقال البيهقيّ (٦): وقد كان الزّهريّ يقول: هي قبل أحدٍ. قال: وذهب آخرون إلى أنّها بعدها، وبعد بئر معونة أيضًا.

قلت: هكذا ذكره ابن إسحاق كما تقدّم؛ فإنّه بعد ذكره بئر معونة، ورجوع عمرو بن أميّة، وقتله ذينك الرجلين من بني عامرٍ، ولم يشعر بعهدهما الذي معهما من رسول اللَّه ، ولهذا قال له رسول اللَّه : "لقد قتلت رجلين، لأدينّهما".


(١) الأبيات في "ديوان حسَّان بن ثابت" (١/ ٢٠٧). و"السيرة النبوية" لابن هشام (٢/ ١٨٩).
(٢) انظر "عيون الأثر" (٢/ ٧٣) و"الفصول في سيرة الرسول" ص (١٥٧).
(٣) رواه البخاري رقم (٤٠٢٩) و (٤٨٨٣).
(٤) رواه البخاري تعليقًا في المغازي: باب حديث بني النضير، قبل الحديث (٤٠٢٨).
(٥) وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٦/ ١٨٧) لابن أبي حاتم وغيره.
(٦) انظر "دلائل النبوة" (٣/ ٣٥٤).