للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عندَها شيءٌ، فعمدَت إلى عكّتها التي كانت تُهدي فيها إلى النَّبِيِّ (فوجدت فيها سمنًا، فما زال يدوم لها أُدم بنيها حتى عصرته، وأتت رسولَ الله ) (١)، فقال: "أعصرتيه؟ " فقالت: نعم، قال: "لو تركتيه ما زال ذلك مُقيمًا" (٢).

ثم روى الإمام أحمد بهذا الإسناد عن جابر، عن النَّبِيّ ؛ أنه أتاه رجلٌ يستطعمُه فأطعمَه شطرَ وَسقِ شعيرٍ، فما زالَ الرجلُ يأكلُ منه هو وامرأته ووصيفٌ لهم حتى كالوه، فقال رسول الله : "لو لم تكيلوه لأكلتم منه، ولقام لكم" (٣).

وقد روى هذين الحديثين مسلم (٤) من وجه آخر، عن أبي الزبير، عن جابر.

ذكرُ ضيافةِ أبي طَلحةَ الأنصاريّ رسولَ الله -

قال البخاري (٥): حَدَّثَنَا عبدُ الله بن يُوسف، أخبرنا مالك، عن إسحاقَ بن عبدِ الله بن أبي طَلحةَ؛ أنه سمعَ أنسَ بن مالك يقول: قال أبو طلحة لأمّ سُليم: لقد سمعتُ صوتَ رسول الله ضعيفًا أعرفُ فيه الجوعَ، فهل عندك من شيء؟ قالت: نعم، فأخرجت أقراصًا من شعير، ثم أخرجت خِمارًا لها فلفَّت الخبزَ ببعضه، ثم دسَّتهُ تحتَ يدي ولائتني (٦) ببعضِه، ثم أرسلتني إلى رسول الله قال: فذهبتُ به فوجدتُ رسولَ الله في المسجد ومعه الناس، فقمتُ عليهم، فقال لي رسول الله : "أرسلكَ أبو طلحة؟ " فقلت: نعم. قال: "بطعام؟ " قلت: نعم، فقال رسول الله لمن معه: "قوموا" فانطلقَ وانطلقتُ بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرتُه، فقال أبو طلحة: يا أم سُليم قد جاء رسولَ الله والناسُ وليس عندنا ما نُطعمُهم، فقالت: اله ورسولُه أعلم، فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله ، فأقبل رسولَ الله وأبو طلحة معه، فقال رسول الله: "هلمَّ يا أُمَّ سُليم، ما عندَك؟ " فأتت بذلك الخبز، فأمرَ


(١) ما بين القوسين سقط من الأصل والمطبوع، وأثبته من المسند (٣/ ٣٤٠).
(٢) رواه الإمام أحمد (٣/ ٣٤٠) عن الحسن عن ابن لهيعة بهذا اللفظ، و (٣/ ٣٤٧) عن موسى عن ابن لهيعة بلفظ: أن أم مالك البهزية كانت تُهدي في عكة لها سمنًا للنبي ، فبينما بنوها يسألونها عن إدام، وليس عندها شيء، فعمدت إلى نِحْيِها التي كانت تهدي فيه السمن إلى النَّبِيّ فوجدت فيه سمنًا، فما زال يقيم لها إدامَ بنيها حتى عصرته، فأتت النَّبِيّ ، فقال: "أعصرتيه؟ " قالت: نعم، قال: "لو تركتيه ما زال ذلك مقيمًا". وإسناده حسن، وهو بنحوه عند مسلم في الفضائل.
(٣) رواه الإمام أحمد في المسند (٣/ ٣٤٧) عن موسى عن ابن لهيعة، و (٣/ ٣٣٧) عن الحسن عن ابن لهيعة.
(٤) رواهما مسلم في صحيحه رقم (٢٢٨٠) و (٢٢٨١) في الفضائل.
(٥) في صحيحه (٣٥٧٨) في علامات النبوة.
(٦) "لائتني": لفتني به.