للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسولُ الله : "إنِّي فَرَطُكُم على الحوض، أنتظرُ من يَرِدُ عليَّ منكم، فلا أُلفينَّ أُنازعُ أحدَكم، فأقولُ: إنه من أُمَّتِي، فيقال: هل تدري ما أَحدثوا بعدكَ؟ "قال أبو الدرداء: فتخوَّفتُ أن أكونَ منهم، فأتيتُ رسولَ الله فذكرتُ ذلك له، فقال: "إنَّكَ لستَ منهم". قال: فتوفي أبو الدرداء قبل أن يُقتلَ عثمان، وقبل أن تقعَ الفتنُ.

قال البيهقيّ: تابعه يزيد بن أبي مريم، عن أبي عُبيد الله مسلم بن مِشْكم (١)، عن أبي الدرداء إلى قوله: "لستَ منهم" (٢).

قلت: قال سعيد بن عبد العزيز: توفي أبو الدرداء لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، وقال الواقدي وأبو عُبيد وغير واحد: توفي سنة اثنتين وثلاثين، (٣).

ذكر إخباره عن الفتن الواقعة في آخر أيام عثمان بن عفَّان وفي خلافة علي بن أبي طالب

ثبت في الصحيحين من حديث سفيان بن عُيينة، عن الزهري، عن عروةَ، عن أسامة بن زيد: أنَّ رسولَ اللّه أشرفَ على أُطُمٍ من آطام المدينة، فقال: "هل ترونَ ما أرى؟ إنِّي لأرى مواقعَ الفتن خلالَ بيوتِكم كمواقعِ القَطر" (٤).

وروى الإمام أحمد ومسلم من حديث الزهريّ، عن أبي إدريس الخَوْلانيِّ: سمعتُ حذيفةَ بنَ اليمان يقول: والله إنِّي لأعلمُ النَّاس بكلِّ فتنةٍ هي كائنةٌ فيما بيني وبينَ الساعة، وما ذاكَ أن يكون رسولُ اللّه حدَّثني من ذلك شيئًا أسَرَّه إليَّ لم يكن حدَّث به غيري، ولكنَّ رسولَ اللّه قال: - وهو يُحدِّثُ مجلسًا أنا فيه - سُئل عن الفتن وهو يَعُدُّ الفتنَ: "فيهن ثلاث لا يذرنَ شيئًا، منهنَّ كرياح الصَّيف، منها صغار ومنها كبار" قال حذيفةُ: فذهبَ أولئك الرَّهطُ كلُّهم غيري. وهذا لفظ أحمد (٥).

قال البيهقيّ: مات حذيفة بعد الفتنة الأولى بقتل عثمانَ، وقبل الفتنتين الأُخرَيَين في أيَّام عليٍّ (٦).

قلت: قال العِجْلِيُّ، وغير واحد من علماء التاريخ: كانت وفاة حذيفةَ بعد مقتل عثمان بأربعين


(١) في المطبوع: "يشكر" محرف، وهو مسلم بن مشكم الخزاعي كاتب أبي الدرداء، من رجال التهذيب.
(٢) دلائل النبوة؛ للبيهقي (٦/ ٤٠٤) وهو حديث حسن.
(٣) الطبقات الكبرى؛ لابن سعد (٧/ ٣٩٣) والسير؛ للذهبي (٢/ ٣٥٣).
(٤) رواه البخاري في صحيحه رقم (١٨٧٨) في فضائل الصحابة، ومسلم في صحيحه رقم (٢٨٨٥) في الفتن. والأُطُم: القصر والحصن.
(٥) رواه أحمد في المسند (٥/ ٣٨٨) ومسلم في صحيحه رقم (٢٨١٩) في الفتن.
(٦) دلائل النبوة (٦/ ٤٠٦).