للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبد الرحمن، عن أبيه عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه كعب بن مالك، قال: أتى جابرُ بن عبد اللّه إلى رسول اللّه ، فعرفَ في وجهه الجوع، فذكر أنه رجعَ إلى منزله، فذبح دَاجِنًا كانت عندهم، وطبخَها وثردَ تحتها في جَفنة وحملَها إلى رسول اللّه ، فأمره أن يدعوَ له الأنصار، فأدخلهم عليه أرسالًا، فأكلوا كلُّهم وبقي مثل ما كان، وكان رسول الله يأمرُهم أن يأكلوا ولا يَكسروا عظمًا، ثم إنه جمعَ العظامَ في وسط الجَفنة (١) فوضعَ عليها يدَه، ثم تكلَّم بكلام لا أسمعُه إِلَّا أني أرى شفتيه تتحرك، فإذا الشاة قد قامت تنفضُ أُذنيها، فقال: "خذ شاتَك يا جابر باركَ اللّه لك فيها" قال: فأخذتُها ومضيت، وإنها لتنازعُني أذنَها، حتى أتيتُ بها البيتَ، فقالت لي المرأة: ما هذا يا جابر؟ فقلت: هذه واللّه شاتُنا التي ذبحنَاها لرسول اللّه، دعا اللّه فأحياها لنا، فقالت: أنا أشهدُ أنه رسولُ اللّه، أشهدُ أنه رسولُ الله، أشهدُ أنه رسولُ اللّه.

[حديث آخر عن أنس في معنى ما تقدم]

قال أبو يعلى المَوصلي والبَاغندي: حَدَّثَنَا شَيبان، حدَّثنا محمد بن عيسى بصري - وهو صاحب الطعام (٢) - حَدَّثَنَا ثابت البُناني، قلتُ لأنس بن مالك: يا أنس أخبرني بأعجب شيء رأيتَه، قال: نعم يا ثابت خدمتُ رسولَ اللّه عشرَ سنين فلم يعب (٣) عليَّ شيئًا أسأتُ فيه، وإن نبيَّ اللّه لما تزوَّج زينبَ بنتَ جحش، قالت لي أمي: يا أنس، إنَّ رسولَ اللّه أصبحَ عَروسًا ولا أدري أصبحَ له غداءٌ، فهلمَّ (٤) تلك العُكَّة، فأتيتُها بالعُكّة وبتمرٍ، فجعلت له حَيسًا (٥)، فقالت: يا أنس اذهب بهذا إلى نبيّ الله وامرأته، فلما أتيتُ رسولَ اللّه بتَورٍ (٦) من حجارة فيه ذلك الحَيس، قال: "دعه (٧) ناحية البيت، وادع لي أبا بكر وعمر وعليًا وعثمان" ونفرًا من أصحابه، "ثم ادعُ لي أهل المسجد ومن رأيتَ في الطريق" قال: فجعلتُ أتعجّب من قلّة الطعام، ومن كثرة ما يأمُرني أن أدعوَ النَّاسَ، وكرهتُ أن أعصيَه حتى امتلأ البيتُ والحجرةُ، فقال: "يا أنس هل ترى من أحد؟ " فقلت: لا يا رسولَ اللّه، قال: "هات ذلك التَّورَ" فجئتُ بذلك التَّورِ فوضعتُه قدّامه، فغمسَ ثلاثَ أصابعَ في التَّورِ، فجعلَ التَّورُ (٨) يربُو


(١) "الجفنة": القصعة للطعام.
(٢) كذا بالأصل، ولم أجد هذه الجملة المعترضة في مسند أبي يعلى.
(٣) "فلم يعب": كذا في الأصل، وفي مسند أبي يعلى: فلم يُغَير.
(٤) "فهلمَّ": أحضر.
(٥) "حيسًا": تمر ينزع نواه ويُدق مع أقط ويعجنان بالسمن، لْم يدلك باليد حتى يبقى كالثريد، وربما جعل معه سويق.
(٦) "تَور": إناء يُشرب فيه.
(٧) كذا بالأصل، وفي مسند أبي يعلى: ضعه.
(٨) في (أ) التمر، وهو تصحيف.