للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وثلاثمئة]

في عاشر المُحَرَّم عملت الرَّافضة عن الحسين كما تقدَّم في السنة الماضية، فاقتتل الروافض وأهل السنة في هذا اليوم قتالًا شديدًا، ونُهبت الأموال.

وفيها عصى نجا غلام سيف الدولة عليه، وذلك أنه كان في العام الماضي قد صادر أهل حَرَّان، وأخذ منهم أموالًا كثيرة. فتمرَّد بها، وذهب إلى بلاد أذربيجان (١)، فأخذ طائفة منها من يد رجل من الأعراب يقال [له] (٢) أبو الورد، فقتله، وأخذ من أمواله شيئًا كثيرًا، وقويت شوكته بسبب ذلك، فسار إليه سيف الدولة، فأخذه وأمر بقتله، فقتل بين يديه، وألقيت جثته (٣) في الأقذار ومحل الجيف والنتن.

وفيها جاء الدُّمَسْتَق إلى المَصِّيْصة في جيش كثيف، فحاصرها، ونقب سورها، فدافعه أهلها، فأحرق رستاقها وقتل ممن حولها خمسة عشر ألف إنسان، وعاثوا [في الأرض] (٤) فسادًا في بلاد أذنه وطَرَسُوس، وكرُّوا راجعين إلى بلادهم، قبحهم الله.

وفيها قصد معز الدولة المَوْصِل وجزيرة ابن عمر، فأخذها من يد ناصر الدولة بن حمدان، ثم سار في طلب ناصر الدولة، فكرَّ ناصر الدولة في جيش قد هيأه، فاسترجع الملك من يد معز الدولة، فعاد معز الدولة، فأخذ الموصل وأقام بها، فراسله في الصُّلْح، فاصطلحا على أن يكون الحمل في كل سنة، وأن يكون أبو تغلب بن ناصر الدولة وليَّ عهد أبيه من بعده، فأجاب معز الدولة إلى ذلك، وكرَّ راجعًا إلى بغداد بعدما جرت له خُطُوب طويلة قد استقصاها ابن الأثير في "كامله" (٥) وبسطها.

وفيها ظهر رجلٌ ببلاد الدَّيْلم، وهو أبو عبد الله (٦) محمد بن الحسين من أولاد الحسن بن علي، ويعرف بابن الدَّاعي، فالتفَّ عليه خلق كثير، ودعا إلى نفسه وتسمَّى بالمَهْدي، وكان أصله من بغداد، وانتظم له شأن بتلك البلاد، وهرب منه ابن النَّاصر العلوي.

وفيها قصد ملك الرُّوم وفي صحبته الدُّمَسْتَق ملك الأرمن بلاد طَرَسُوس فحاصرها مُدَّة، ثم غلت


(١) في الكامل (٨/ ٥٥١) بلاد أرمينية، وهو الصواب.
(٢) ما بين حاصرتين من (ب) و (ط).
(٣) في (ح): جيفته، والمثبت من (ب).
(٤) ما ببن حاصرتين من (ب) و (ط).
(٥) انظر الكامل (٨/ ٥٥٣ - ٥٥٤).
(٦) في (ح) و (ب) أبو عبيد الله، والمثبت من (ط)، والكامل (٨/ ٥٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>