للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقرأ على نفسه الحديث في الصحيح: "مَا يُكْلَمُ أحَدٌ في سَبِيْلِ اللَّهِ، وَاللَّهُ أعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ في سَبِيْلهِ. إلا جَاءَ يَوْمَ القِيَامةِ وَكَلْمُهُ يَدْمَى، اللَّوْنُ لونُ الدِّمِ وَالرِّيحُ ريحُ المِسْكِ" (١).

وقد كان سأل اللَّه تعالى عند أستار الكعبة الشهادة فأعطاه اللَّه ذلك. ومن شعره قوله:

أسِيْرُ الخَطَايَا عِنْدَ بَابِكَ وَاقِفٌ … عَلَى وَجَلٍ مِمَّا به أنْتَ عَارِفُ

يَخافُ ذُنُوبًا لم يَغِبْ عَنْكَ غَيْبُها … وَيَرْجُوكَ فِيْهَا فَهوَ رَاجٍ وخَائِفُ

ومَنْ ذَا الذي يُرجَى سِوَاكَ وَيُتَّقَى … وَمَا لَكَ في فَصْلِ القَضَاءِ مُخَالِفُ

فَيَا سَيِّدِي لا تُخْزِني في صَحِيْفَتي … إذا نُشِرَتْ يومَ الحِسَابِ الصّحائِفُ

وَكُنْ مُؤْنِسي في ظُلْمةِ القَبْرِ عِنْدَما … يَصُدّ ذوو القُرْبَى وَيجْفُو المُوَالِفُ

لَئِنْ ضَاقَ عنّي عَفْوُكَ الوَاسِعُ الذي … أُرَجِّي لإسْرَافِي فإنِّي تَالِفُ

[ثم دخلت سنة أربع وأربعمئة]

في يوم الخميس غرّة ربيع الأول منها، جلس الخليفة القادر باللَّه في أُبَّهة الخلافة وأُحضر إلى بين يديه سلطان الدولة ابن بهاء الدولة، والحجبة بين يديه، فخلع عليه سبع خلع على العادة [وعمّمه، بعمامة سوداء، و [قلّد] سيفًا وتاجًا مرصّعًا، وسوارًا وطوقًا، ولواءين عقدهما الخليفة بيده، ثمّ أعطاه سيفًا، وقال لخادم: قلّده به فهو شرف له ولعقبه يفتح به شرق الأرض وغربها، وكان ذلك يومًا مشهودًا بمحضر من القضاة والأمراء، والوزراء، والأماثل، والأعيان، والكبراء بدار الخلافة.

وفيها: غزا محمود بن سُبُكْتِكِين بلاد الهند ففتح وقتل، وسبى، وغنم، وسَلِمَ. وكتب إلى الخليفة القادر باللَّه أنْ يوليه ما بيده من مملكة خراسان وغيرها من البلاد، فأجابه إلى ذلك.

وفيها: عاثت بنو خفاجة ببلاد الكوفة، فبرز إليهم نائبها أبو الحسن بن مَزْيَد (٢) فواقعهم، فقتل منهم خلقًا، وأسر محمد بن ثمال (٣)، وجماعة من رؤوسهم، وانهزم الباقون، فأرسل اللَّه عليهم ريحًا حارّة، فأهلكت منهم خمسمئة إنسان، وحجّ بالناس في هذه السنة، أبو الحسن محمد بن الحسن الأقساسي.


(١) الحديث، رواه البخاري (٤/ ٢٢) ومسلم (١٠٣) في الإمارة. وغيرهما من حديث الأعرج عن أبي هريرة.
(٢) في الأصل: يزيد، خطأ، والتصحيح من الكامل في التاريخ (٩/ ٢٤٥).
(٣) في الأصل: يمان، خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>