للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعل سبحانه ذلك دلالة على إحياء الموتى، وإتيان الساعة لا ريب فيها، واللَّه سبحانه أعلم.

ذِكر زوال الدنيا وإقبال الآخرة

أوّل شيء يطرق أهلَ الدنيا بعد وقوع أشراط الساعة نَفْخَةُ الفَزَع، وذلك أن اللَّهَ يأمر إسرافيلَ فينفُخ في الصور نفخةَ الفَزع، فُيطَوّلها، فلا يبقى أحد من أهل الأرض ولا السماوات إلَّا فزع، إلّا مَنْ شاء اللَّه، ولا يَسمعُها أحدٌ من أهل الأرض إلّا أصْغَى لِيتًا ورَفَع لِيتًا، أي رفع صَفْحَةَ عُنقِه، وأمالَ الأخرى، يستمع هذا الأمر العظيم الذي قد قال الناس، وأزعجهم عما كانوا فيه من أمرِ الدنيا، وشغلِهم بها، ووقوع هذا الأمر العظيم.

قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (٨٧) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا يفعلون (١) (٨٨)[النمل].

وقال تعالى: ﴿وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ (١٥)[ص]. وقال تعالى: ﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)[المدثر]. وقال تعالى: ﴿قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (٧٣)[الأنعام]. ثم بعد ذلك بمدَّة يأمرُ اللَّه تعالى إسرافيل أن ينفخ نفخة الصعق، فيَصْعَقُ مَنْ في السماوات ومَنْ في الأرض، إلَّا مَنْ شاء اللَّه، ثم يأْمرُهُ فيَنْفخ فيه أخرى فيقومُ الناسُ لربّ العالمين. كما قال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (٦٨) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٦٩) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (٧٠)[الزمر]. وقال تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٤٨) مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ﴾ الآيات، إلى قوله تعالى: ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيًّا وَلَا يَرْجِعُونَ (٦٧)[يس: ٤٨ - ٦٧].

وقال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)[النازعات] وقال تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠)[القمر] وقال تعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (٩٩)[الكهف].

وقال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١)[المؤمنون] وقال تعالى: ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣)﴾ إلى قوله: ﴿لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ (٣٧)[الحاقة].


(١) هي بالياء على قراءة ابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وشعبة -بِخُلْفٍ عنهما- ويعقوب. ورواية حفص عن عاصم: تفعلون بالتاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>