للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وواحدة وهبها رسول الله لحشَّان بن ثابت الأنصاريِّ (١)، وأرسل إليه بطرف من طرفهم.

وذكر ابن إسحاق (٢) أنه أهدى إلى رسول الله أربع جوارٍ؛ إحداهنَّ مارية أمُّ إبراهيم، والأخرى سِيْرين التي وهبها لحَسَّان بن ثابت، فولدت له عبد الرحمن بن حَسَّان (٣).

قلت: وكان في جملة الهديَّة غلام أسود خصي، اسمه مأبور، وخُفَّان ساذَجان أسودان، وبغلة بيضاء اسمها الدُّلدل، وكان مأبور هذا خصيًّا، ولم يعلموا بأمره بادئ الأمر، فصار يدخل على مارية، كما كان من عاداتهم ببلاد مصر، فجعل بعض الناس يتكلم فيهما بسبب ذلك، ولا يعلمون بحقيقة الحال، وأنَّه خصي، حتى قال بعضهم: إنَّه الذي أمر رسول الله عليَّ بن أبي طالب بقتله، فوجده خصيًّا فتركه، والحديث في "صحيح مسلم" (٤).

قال ابن إسحاق (٥): وبعث رسول الله سَلِيطَ بن عمرو بن عبد ودٍّ، أخا بني عامر بن لؤي، إلى هَوذَة بن علي صاحب اليمامة، وبعث العلاء بن الحضرميِّ، إلى المنذر بن ساوى، أخي بني عبد القيس، صاحب البحرين، وعمرو بن العاص إلى جيفر بن الجلندى وعمَّار (٦) بن الجُلَنْدى الأزديَّين، صاحبي عُمَان.

* * *

غَزْوَةُ ذاتِ السّلاسِل (٧)

ذكرها الحافظ البيهقي (٨) هاهنا فبل غزوة الفتح، فساق من طريق موسى بن عقبة وعُروة بن الزّبير، قالا: بعث رسول الله عمرو بن العاص إلى ذات السَّلاسل من مشارف الشام في بَلِيٍّ، وعبد الله، ومن يليهم من قُضَاعَة - قال عُرْوَةُ بن الزّبير: بنو بَلِيٍّ أخوال العاص بن وائل - فلما صار إلى هناك خاف من كثرة


(١) وهو المشهور عند المؤرخين وأصحاب السِّير.
(٢) انظر "الذخائر والتحف" لابن الزُّبير ص (٦ - ٧).
(٣) قال ابن الزبير في "الذخائر والتحف" ص (٧): "وكانتا لهما شأن عظيم وجمال بارع، لم يكن بمصر أحسن منهما".
(٤) رقم (٢٧٧١).
(٥) انظر "السيرة النبوية" (٢/ ٦٠٧).
(٦) المعروف في اسمهما (جيفر وعبد).
(٧) انظر أخبارها في "الاكتفا في مغازي الرسول والثلاثة الخلفا" (٢/ ٤٢١) و "زاد المعاد" (٣/ ٣٤٠) و"السيرة النبوية الصحيحة" (٢/ ٤٧١). وقال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" (٣/ ٣٤١): "وذكر ابن إسحاق نزولهم على ماءٍ لجذام يقال له: السلسل، قال: وبذلك سمّيت ذات السلاسل".
(٨) انظر "دلائل النبوة" (٤/ ٣٩٧).