للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلق مثل الأظفار، وبدا ما تحتها أسمر (١) يضرب إلى صفرة محبَّبًا (٢) مثل الخشخاش، فأخذ بنو شيبةَ تلك الفلق فعجنوها بالمسك واللَّكِّ، وحشوا بها تلك الشقوق التي بدت، فاستمسك الحجر واستمرّ على ما هو عليه الآن، وهو ظاهر لمن تأمّله (٣).

وفي هذه السنة فتح المارستان (٤) الذي بناه الوزير مؤيَّد المُلْك، أبو علي الحسن الرُّخَجِي وزير شرف الملك بواسط، ورتب له الخُزّان، والأشربة، [والأدوية]، والعقاقير وغير ذلك مما يحتاج إليه، واللَّه تعالى أعلم. وهو حسبنا ونعم الوكيل.

[وممن توفي فيها من الأعيان]

علي بن هلال (٥) أبو الحسن بن البوَّاب، الكاتب، صاحب الخطِّ المنسوب.

صحب أبا الحسين ابن سَمْعُون الواعظ، وكان يقصّ بجامع المدينة. وقد أثنى على ابن البواب غير واحد في دينه وأمانته، وأمّا خطه وطريقته [فيه] فأشهر من أن يُنبَّه عليها، وخطّه أوْضح تقريبًا من أبي علي بن مُقْلة (٦)، ولم يكن بعده أكتب منه، وعلى طريقته الناس اليوم في سائر الأقاليم إلا القليل.

قال ابن الجوزي: وكانت وفاته يوم السبت ثاني جمادى الآخرة من هذه السنة، ودفن بمقبرة باب حرب، وقد رثاه بعضهم بأبيات منها:

فَلِلْقُلُوبِ الّتي أبْهَجْتَهَا حَزَنُ (٧) … وَللْعُيُونِ الّتي أقْرَرْتَها سَهَرُ

فَما لِعَيْشٍ وَقَدْ وَدَّعْتَه أرَجٌ … وَما لِلَيْل وَقَدْ فَارَقْتَهُ سَحَرُ

قال ابن خلِّكان: ويقال له: ابن الستري لأن أباه كان ملازمًا لستر الباب، ويقال له: ابن البوّاب، وقد كان أخذ الخطّ عن أبي عبد اللَّه محمد بن أسد بن علي بن سعيد البزاز، وقد سمع ابن أسد هذا على النجَّاد وغيره، وتوفي سنة عشر وأربعمئة، وأما ابن البوّاب، فإنّه توفي في جمادى الأولى من هذه السنة، وقيل: في سنة ثلاث وعشرين وأربعمئة، وقد رثاه بعضهم فقال:


(١) في (ب): أضيفر.
(٢) في (ب): متجنبًا.
(٣) ذكر ابن الأثير هذه الحادثة في أحداث سنة أربع عشرة وأربعمئة.
(٤) المارستان أو البيمارستان: لفظة فارسية تعني: بيت المرضى.
(٥) المنتظم (٨/ ١٠)، وفيات الأعيان (٣/ ٣٤٢)، سير أعلام النبلاء (١٧/ ٣١٥)، النجوم الزاهرة (٤/ ٢٥٧)، شذرات الذهب (٣/ ١٩٩).
(٦) هو محمد بن علي بن حسن بن مقلة الكاتب، توفي سنة ٣٢٨ هـ.
(٧) في (ط): حُرُق.

<<  <  ج: ص:  >  >>