للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَشْعَر (١) الكُتَّابُ فَقْدَكَ سَالِفًا … وَقَضَتْ بِصِحّةِ ذلك الأيَّامُ

فَلِذَاكَ سُوِّدَت الدّويّ كآبةً … أسفًا عَلَيْكَ وشُقَّتِ الأقْلامُ

ثمّ ذكر ابن خلِّكان أول من كتب بالعربيّة، فقيل: إسماعيل ، وقيل: أول من كتب العربية من قريش حَرْبُ بن أميَّة بن عبدِ شَمْس، أخذها من بلاد الحيرة عن رجل يقال له: أسلم بن سِدْرة، وسأله عمن اقتبسها فقال من واضعها، رجل يقال له: مرامر بن مُرَة، وهو رجل من أهل الأنبار، فأصل الكتابة في العرب من أهل الأنبار.

قال الهيثم بن عديّ: وقد كانت لحمير كتابة يسمُّونها المُسْنَد، وهي متّصلة غير منفصلة، وكانوا يمنعون العامة من تعلُّمها، وجميع كتابات الناس تنتهي إلى اثني عشر صنفًا وهي: العربيّة، والحميّرية، واليونانيّة، والفارسيّة، والسريانيّة، والعبرانيَّة، والروميَّة، والقبطيّة، والبربريّة، والهنديّة، والأندلسيّة، والصينيّة. وقد اندرس كثير منها. فقلّ من يعرف كثيرًا منها.

علي بن عيسى بن سليمان بن محمد بن أبّان (٢) أبو الحَسَن (٣) الفارسيّ، المعروف بالسكريّ الشاعر.

كان يحفظ القرآن، ويعرف القراءات، وصحب القاضي أبا بكر الباقلاني، وأكثر شعره في مديح الضحابة وذمّ الرَّافضة (٤). كانت وفاته في شعبان (٥) من هذه السنة، ودفن بالقرب من قبر معروف الكرخي، وقد أوصى أن يكتب على قبره هذه الأبيات [التي عملها وهي قوله]:

نَفْسُ يا نَفْسُ كَمْ تمادَينَ في أَلَفي (٦) … وَتأْتِينَ (٧) في الفِعالِ (٨) المعيّبِ

راقبي اللَّهَ واحْذَري موقِفَ العَرْ … ضِ وخَافِيْ يَومَ الحِسابِ العَصِيْبِ

لا تَغرّنَّكِ السَّلامَةُ في العَيْـ … ـشِ فإنّ السَّليمَ رَهْنُ الخُطوبِ

كلُّ حَيٍّ فَلِلْمَنُونِ ولا يَدْ … فَعُ كأسَ المنونِ كيدُ الأرِيبِ (٩)

واعْلَمِي أنَّ للمنيَّةِ وَقْتًا … سوفَ يَأْتِي عجلانَ غيرَ هَيُوبِ


(١) في (ط): استشعرت.
(٢) تاريخ بغداد (١٢/ ١٧)، المنتظم (٨/ ١٠)، الكامل في التاريخ (٩/ ٣٢٩).
(٣) في بعض النسخ: "الحسين"، وما هنا من (ط)، وهو الصواب الموافق لما في مصادر ترجمته ومنها تاريخ الخطيب وخط الذهبي في تاريخ الإسلام (٩/ ٢٢٢) (بشار).
(٤) قال ابن الأثير: وإنما سمي شاعر السنّة لأنّه أكثر مدح الصحابة.
(٥) في (ط): شوال.
(٦) في (ط): تلغي.
(٧) في (ط): تمشين.
(٨) في المنتظم: وبالفعال.
(٩) في (ب) و (ط): الأديب.

<<  <  ج: ص:  >  >>