للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مولى عبادل قال: خرجتُ مع إبراهيم بن عبد الرحمن إلى ابن سعد (١) حتى إذا كنَّا بالعَرْج أتى ابنُ سعد -وسعد هو الذي دلَّ رسولَ اللَّه على طريق رَكُوبة (٢) - فقال إبراهيم: أخبرني ما حدَّثك أبوك؟ قال ابنُ سعد: حدثني أبي أنَّ رسولَ اللَّه أتاهم ومعه أبو بكر -وكانت لأبي بكرٍ عندنا بنت مُسترضعة- وكان رسولُ اللَّه أراد الاختصار في الطريق إلى المدينة، فقال له سعد: هذا الغائر من رَكُوبة (٣)، وبه لصَّانِ من أسلم يقال لهما المهانان؛ فإنْ شئت أخذنا عليهما. فقال النبيُّ : "خذ بنا عليهما". قال سعد: فخرجنا حتى إذا أشرفنا إذا أحدها يقول لصاحبه: هذا اليماني. فدعاهما رسولُ اللَّه فعرض عليهما الإسلام فأسلما، ثم سألهما عن أسمائهما فقالا: نحن المهانان فقال: "بل أنتما المكرمان" وأمرهما أن يقدَما عليه المدينة فخرجْنا حتى إذا أتينا (٤) ظاهر قُباء فتلقَّى (٥) بنو عمرو بن عوف فقال رسولُ اللَّه : "أين أبو أمامة أسعد بن زُرَارة؟ " فقال سعد بن خيثمة: إنه أصاب قبلي يا رسول اللَّه، أفلا أخبره ذلك (٦)؟ ثم مضى رسولُ اللَّه حتى إذا طلع على النخل فإذا الشرب مملوء، فالتفت رسولُ اللَّه إلى أبي بكر فقال: يا أبا بكر هذا المنزل. رأيتني أنزل إلى (٧) حياضٍ كحياض بني مُدْلج. انفرد به أحمد.

فصل في دخوله المدينة وأينَ استقرَّ منزلُه بها وما يتعلَّقُ بذلك

قد تقدَّم الكلامُ فيما رواهُ البخاري عن الزهري عن عروة أنَّ النبيَّ دخل المدينة عند الظهيرة (٨).

قلت: ولعلَّ ذلك كان بعد الزوال، لما ثبت في الصحيحَيْن (٩) من حديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، عن أبي بكر، في حديث الهجرة قال: فقدمنا ليلًا فتنازعه القومُ أيُّهم ينزلُ عليه، فقال رسولُ اللَّه : "أَنزلُ على بني النجَّار أخوالِ عبد المطَّلب أُكْرِمُهم بذلك" وهذا واللَّه أعلم إمَّا أن يكون يومَ قدومِه إلى قُباء فيكون حال وصوله إلى قرب المدينة كان في حرِّ الظهيرة، وأقام


(١) عبارة المسند هكذا: خرجتُ مع إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن أبي ربيعة فأرسل إبراهيم بن عبد الرحمن بن سعد حتى. . .
(٢) "رَكُوبة": ثنية بين مكة والمدينة عند العَرْح. معجم البلدان (٣/ ٦٤).
(٣) في ح: العامر من ركونة وفي ط: الغامر، والمثبت من مسند أحمد وسيرة ابن هشام (١/ ٤٩٢) وقال ابن هشام: ثنية العائر. . . ويقال ثنية الغائر بالمهملة والمعجمة، ونقله ياقوت في معجم البلدان (٤/ ٧٣).
(٤) في ح: فخرجا حتى إذا أتيا، والمثبت من ط ومسند أحمد.
(٥) في ط: فتلقاه، والمثبت من ح ومسند أحمد.
(٦) في مسند أحمد لك، والمثبت من ح، ط.
(٧) في مسند أحمد: على.
(٨) تقدم في (ص ٤٥١) موضع الحاشية (٣).
(٩) رواية الصحيحين تقدمت الإشارة إليها في المتن (ص ٤٥٣).