للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخبره أنهم خرجوا مع رسول الله عام تبوك، فكان يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء. قال: فأخَّر الصلاة يومًا، ثم خرج فصلَّى الظهر والعصر جميعًا، ثم دخل، ثم خرج فصلَّى المغرب والعشاء جميعًا، ثم قال: "إنكم ستأتون غدًا، إن شاء الله، عين تبوك، وإنكم لن تأتوها حتى يضحى النهار، فمن جاءها فلا يمسَّ من مائها شيئًا حتى آتيَ". قال: فجئناها وقد سبق إليها رجلان، والعين مثل الشراك تبضُّ بشيءٍ من ماءٍ، فسألهما رسول الله : "هل مسستما من مائها شيئًا؟ " قالا: نعم. فسبَّهما وقال لهما ما شاء الله أن يقول، ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلًا قليلًا حتى اجتمع في شيءٍ، ثم غسل رسول الله فيه وجهه ويديه، ثم أعاده فيها، فجرت العين بماءٍ كثير، فاستقى الناس، ثم قال رسول الله : "يا معاذ، يوشك إن طالت بك حياةٌ أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانًا".

وأخرجه مسلمٌ (١) من حديث مالكٍ به.

* * *

ذكر خطبته، ، في تبوك إلى نخلةٍ هناك

روى الإمام أحمد (٢)، عن أبي النضر هاشم بن القاسم، ويونس بن محمدٍ المؤدِّب، وحجَّاج بن محمدٍ، ثلاثتهم عن اللّيث بن سعدٍ، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن أبي الخير، عن أبي الخطاب، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ أنه قال: إن رسول الله عام تبوك خطب الناس وهو مسندٌ ظهره إلى نخلةٍ فقال: "ألا أخبركم بخير الناس وشرِّ الناس؟ إن من خير الناس رجلًا عمل في سبيل الله على ظهر فرسه، أو على ظهر بعيره، أو على قدميه، حتى يأتيَه الموت، وإنَّ من شرِّ الناس رجلًا فاجرًا جريئًا يقرأ كتاب الله لا يرعوي إلى شيءٍ منه". ورواه النسائي (٣)، عن قتيبة، عن الليث به. وقال: أبو الخطاب لا أعرفه.

وروى البيهقيُّ (٤) من طريق يعقوب بن محمدٍ الزُّهريِّ، عن عبد العزيز بن عمران، حدَّثنا عبد الله بن مصعب بن منظور بن جَميل بن سنانٍ، أخبرني أبي، سمعت عقبة بن عامرٍ الجهنيَّ يقول: خرجنا مع رسول الله في غزوة تبوك، فاسترقد رسول الله فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قِيد رمحٍ، قال:


(١) رواه مسلم رقم (٧٠٦) (١٠) في الفضائل: باب من معجزات النبي .
(٢) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ٣٧) و (٣/ ٤١) و (٣/ ٥٧).
(٣) رواه النسائي رقم (٣١٠٦) وإسناده ضعيف.
(٤) رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (٥/ ٢٤١).