للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان من أكابر الأمراء وأحظاهم عند الملك الظاهر، لا يكاد الظاهر يخرج عن رأيه، وهو الذي أشار عليه بولاية القضاة من كل مذهب قاضٍ على سبيل الاستقلال، وكان متواضعًا لا يلبس محرّمًا، كريمًا وقورًا رئيسًا معظمًا في الدولة، أصابته جراحةٌ في حصار صفد فلم يزل مريضًا منها حتى مات ليلة عرفة، ودفن بالرباط الناصري بسفح قاسيون [من صلاحية دمشق] (١) .

هولاكو (٢) خان بن تولي خان (٣) بن جنكيز خان، ملك التتار ابن ملك التتار.

وهو والد ملوكهم، والعامةُ يقولون هولاوون مثل قلاوون. وقد كان هولاكو ملكًا جبارًا فاجرًا كفارًا [عنيدًا] لعنه الله، قَتَلَ من المسلمين شرقًا وغربًا ما لا يعلم عددهم إلا الذي خلقهم وسيجازيه على ذلك شرَّ الجزاء، كان لا يتقيَّد بدينٍ من الأديان، وإنما كانت زوجته ظفر خاتون قد تَنَصَّرت وكانت (٤) تفضِّل النصارى على سائر الخلق، وكان هو يَتَرامى على محبّة المعقولات، ولا يتصوّر منها شيئًا، وكان أهلُها من أفراخ الفلاسفة لهم عنده (٥) وجاهةٌ ومكانةٌ، وإنّما كانت همَّتُهُ في تدبير مملكته وتملّك البلاد شيئًا فشيئًا، حتى أباده الله في هذه السنة، وقيل في سنة ثلاث وستين، ودفن في مدينة (٦) تلا (٧)، لا ، وقام في الملك من بعده ولده أبغا خان (٨) وكان أبغا أحد إخوة عشرة (٩) ذكور. والله سبحانه أعلم وهو حسبنا ونعم الوكيل.

[ثم دخلت سنة خمس وستين وستمئة]

في يوم الأحد ثاني المحرم توجه [السلطان] الملك الظاهر من دمشق إلى الديار المصرية وصحبتُهُ


(١) عن ط وحدها.
(٢) أ، ب: هولاكوقان بن قان بن.
(٣) ترجمة - هولاكو - في ذيل مرآة الزمان (٢/ ٣٥٧ - ٣٦٠) ومختصر أبي الفداء (٤/ ٢) حوادث سنة ٦٦٣ هـ وفي الإشارة (٣٦١) وتاريخ الإسلام (١٥ - ١٠٥) والعبر (٥/ ٢٧٨) وفوات الوفيات (٤/ ٢٤٠ - ٢٤١) والنجوم الزاهرة (٧/ ٢٢٠ - ٢٢١) وشذرات الذهب (٧/ ٥٠٠).
(٤) أ، ب: فكانت.
(٥) أ، ب: عنده لهم وجاهة.
(٦) أ، ب: بمدينة.
(٧) كانت تلا بحيرة تقع على ثلاثين ميلًا غربي مدينة تبريز وإلى جانبها قلعة تلا التي جدّدها هولاكو وجعل فيها أمواله مما نهبه من بغداد وأقاليم الخلافة ثم صارت هذه القلعة مدفنًا له. بلدان الخلافة الشرقية ١٩٥.
(٨) في أ، ب: وقام من بعده ولده أبغا في المملكة.
(٩) تقدم الحديث عن أولاد هولاكو في سنة ٦٥٦ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>