للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سريَّة أبي بكر الصِّدِّيق إلى بني فَزَارَة

قال الإمام أحمد (١): ثنا بهز، ثنا عكرمة بن عمَّار، ثنا إياس بن سلمة، حدَّثني أبي قال: خرجنا مع أبي بكر بن أبي قحافة، وأمَّره رسول اللّه علينا، فغزونا بني فزارة، فلما دنونا من الماء، أمرنا أبو بكر فعرَّسنا، فلمَّا صلَّينا الصبح أمرنا أبو بكر فشننَّا الغارة، فقتلنا على الماء من [مرَّ] قِبلنا (٢). قال سلمة: ثم نظرت إلى عنق من الناس فيه من الذُّرية والنساء، نحو الجبل وأنا أعدو في آثارهم، فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل، فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل. قال: فجئت بهم أسوقهم إلى أبي بكر حتى أتيته على الماء، وفيهم امرأة من فزارة عليها قشع من أدم، ومعها ابنة لها من أحسن العرب. قال: فنفَّلني أبو بكر بنتها. قال: فما كشفت لها ثوبًا حتى قدمت المدينة، ثم بتُّ فلم أكشف لها ثوبًا. قال: فلقيني رسول الله في السوق، فقال لي: "يا سلمة، هب لي المرأة". قال: فقلت: والله يا رسول الله لقد أعجبتني، وما كشفت لها ثوبًا. قال: فسكت رسول الله وتركني، حتى إذا كان من الغد لقيني رسول اللّه في السوق فقال: "يا سلمة، هب لي المرأة، للّه أبوك". قال: فقلت: يا رسول الله، واللّه لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبًا. وهي لك يا رسول اللّه. قال: فبعث بها رسول الله إلى أهل مكة، وفي أيديهم أسارى من المسلمين، ففداهم رسول اللّه بتلك المرأة.

وقد رواه مسلم والبيهقيُّ (٣) من حديث عكرمة بن عَمَّار، به.

* * *

سريَّة عمر بن الخطاب، إلى تُربةَ من أرض هَوَازِن وراء مَكَّة بأربعة أميال

ثم أورد البيهقيُّ (٤) من طريق الواقديِّ بأسانيده أن رسول اللّه بعث عمر بن الخطَّاب، ، في ثلاثين راكبًا، ومعه دليل من بني هلال، وكانوا يسيرون الليل ويكمنون النَّهار، فلمّا انتهوا إلى بلادهم هربوا منهم، وكرَّ عمر راجعًا إلى المدينة، فقيل له: هل لك في قتال خثعم؟ فقال: إن رسول اللّه لم يأمرني إِلَّا بقتال هوازن في أرضهم.


(١) رواه أحمد في "المسند" (٤/ ٤٦).
(٢) كذا في (ط) وما بين الحاصرتين لم يرد في (آ).
(٣) هو عند مسلم في "صحيحه" رقم (١٧٥٥) وعند البيهقيّ في "دلائل النبوة" (٤/ ٢٩٠).
(٤) انظر "دلائل النبوة" (٤/ ٢٩٢).