للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة خمس وعشرين وستمئة]

فيها: كانت حروبٌ كثيرةٌ بين جلال الدين والتتر (١)، كسروهُ غيرَ مرةٍ، ثم بعد ذلك كلّه كسرهم كسرةً عظيمةً، وقتل منهم خلقًا وأُممًا لا يُحْصَوْن [كثرة]، وكان هؤلاء التتر قد انفردوا وعَصَوْا على جنكيز خان فكتب جنكيز خان (٢) إِلى جلال الدين يقول له: إِن هؤلاء ليسوا منَّا ونحن أبعدناهم، ولكن سترى منَّا ما لا قبل لك به.

وفيها: قدمت طائفةٌ كبيرةٌ من الفرنج من ناحية صقلية فنزلوا عكَّا وصُور وحملوا على مدينة صَيْدا فانتزعوها من أيدي المؤمنين، وعبروها (٣) وقويت شوكتهم، وجاء الانبرور فملك جزيرة قبرس (٤) ثم سار فنزل عكا فخاف المسلمون من شره وبالله المستعان.

وركب الملك الكامل محمد بن العادل صاحب مصر إِلى بيت المقدس الشريف (٥) فدخله، ثم سار إلى نابلس فخاف الناصر داود بن المعظم من عمه الكامل، فكتب إِلى عمه الأشرف فقدم عليه جريدة، وكتب إِلى أخيه الكامل يستعطفه ويكفُّه عن ابن أخيه، فاجابه الكامل بأني إِنما جئت لحفظ بيت المقدس وصونه عن الفرنج الذين يريدون أخذه، وحاشا لله أن أحاصر أخي أو ابن أخي، وبعد أن جئت أنت إِلى الشام فأنت تحفظها وأنا راجع إِلى الديار المصرية، فخشي الأشرف وأهل دمشق (٦) إِن رجع الكامل أن تمتد (٧) أطماع الفرنج إِلى بيت المقدس، فركب الأشرف إِلى أخيه الكامل فثبَّطه عن الرجوع، وأقاما جميعًا هنالك جزاهما الله خيرًا، يحفظان بيت المقدس (٨) عن الفرنج لعنهم الله. واجتمع إِلى الملك [العادل] جماعة من ملوكهم، كأخيه الأشرف وأخيهما الشهاب غازي بن العادل وأخيهم الصالح إِسماعيل بن العادل، وصاحب حمص أسد الدين شيركوه بن ناصر الدين [محمد بن شيركوه]،


(١) أ، ب: التتار.
(٢) أ، ب: ابن جنكيز خان.
(٣) أ، ب: من أيدي المسلمين وغزوها.
(٤) في ط: "ملك" ولا يصح، لأن الانبرور (الامبراطور) هو ملك الألمان، وكان قبل مجيئه قد استولى على قبرس، فلا يوصف بأنه ملك قبرس حسب، ثم تأمل قوله بعد ذلك: "ثم سار فنزل عكا"، وهو يدل على أنه ملك قبرس أولًا، ثم ملك عكا، وهو الصواب (بشار).
(٥) عن ط وحدها.
(٦) ب: وأهل الشام.
(٧) أ: أن يميل. وب: أن ميل.
(٨) ط: يحوطان جناب القدس.

<<  <  ج: ص:  >  >>