للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال عبد الرزاق (١): عن معتمر بن سليمان وعبد الله بن المبارك، كلاهما عن سليمان التَّيْمي، حدَّثني غُنَيْم بن قيس، سألتُ سعد بن أبي وقاص عن التمتُّع بالعمرة إلى الحج، قال: فعلتُها مع رسول الله ، وهذا يومئذ كافر في العُرُش (٢) - يعني مكة - ويعني بها معاوية.

ورواه مسلم (٣) من حديث شعبة وسُفيان الثوري ويحيى بن سعيد ومروان الفزاري أربعتهم (٤)، عن سليمان التَّيْمي، سمعتُ غُنيم (٤) بن قيس، سألت سعدًا عن المتعة، فقال: قد فَعَلناها وهذا يومئذ كافر بالعُرُش. وفي رواية يحيى بن سعيد - يعني معاوية - وهذا كلُّه من باب إطلاق التمتّع على ما هو أعمُّ من التمتُّع الخاصّ، وهو الإحرام بالعمرة والفراغُ منها، ثم الإحرام بالحجِّ. ومن القِران، بل كلام سعدٍ فيه دلالةٌ على إطلاق التمتع على الاعتمار في أشهر الحجّ، وذلك أنهم اعتمروا ومعاوية بعدُ كافر بمكة قبل الحج، إما عمرة الحُدَيْبية أو عمرة القضاء وهو الأشبه، فأما عمرة الجِعْرانة، فقد كان معاوية أسلم مع أبيه ليلةَ الفتح، وروينا أنه قصَّر من شعر النبي بمِشْقَصٍ (٥) في (٦) بعضِ عُمَرهِ: وهي عمرة الجِعْرانة لا محالةَ، والله أعلم.

ذِكْرُ حُجَّةِ منْ ذَهَبَ إلى أنّه كان قارنًا وسَرْدُ الأحَاديثِ في ذلك

رواية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب :

قد تقدم ما رواه البخاري (٧) من حديث أبي عمرو الأوزاعي، سمعت يحيى بن أبي كَثير، عن عِكْرمة، عن ابن عباس، عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله بوادي العَقيق يقول: "أتاني آت من ربّي ﷿ فقال: صَلّ في هذا الوادي المبارك، وقُلْ: عُمْرةً في حَجَّةٍ".

وقال الحافظ البيهقي (٨): أنبأنا علي بن أحمد بن عمر بن حفص المُقْريء (٩) ببغداد، أنبأنا أحمد بن


(١) السنن الكبرى للبيهقي (٥/ ١٧).
(٢) "العُرُش": جمع عريش، والمراد بها بيوت مكة. وإنما سميت بذلك لأنها كانت عيدانًا تنصب وتظلل وتسمى أيضًا عروشًا واحدة عرش (جامع الأصول ٣/ ١١٥).
(٣) صحيح مسلم رقم (١٢٢٥) في الحج باب جواز التمتع.
(٤) ليس اللفظ في ط.
(٥) "مِشقَص" - كمنبر - نصل عريض (القاموس: شقص).
(٦) ليس اللفظ في ط.
(٧) رقم (١٥٣٤).
(٨) السنن الكبرى للبيهقي (٥/ ١٣).
(٩) ط: (المقبري) تحريف. انظر سير أعلام النبلاء (١٧/ ٤٠٢).