للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، وعارضوا به حديث الحسن، عن سمرة في ذلك (١)، فاللَّه أعلم.

وكان فيهم أبو العاص بن الرّبيع بن عبد شمس بن أميّة، زوج زينب بنت النبيّ (٢).

[فصل]

وقد اختلف الصحابة في الأسارى؛ أيقتلون أو يفادون؟ على قولين، كما قال الإمام أحمد (٣): حدّثنا عليّ بن عاصمٍ، عن حميدٍ، عن أنسٍ، وذكر رجلًا، عن الحسن قال: استشار رسول اللَّه الناس في الأسارى يوم بدرٍ، فقال: "إنّ اللَّه، ﷿، قد أمكنكم منهم". قال: فقام عمر فقال: يا رسول اللَّه، اضرب أعناقهم. قال: فأعرض عنه النبيّ ، ثم عاد النَّبيُّ فقال: "أيها الناس، إنّ اللَّه قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس". [قال] (٤): فقام عمر فقال: يا رسول اللَّه، اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النبيّ ، ثم عاد النبيّ فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكرٍ الصّدّيق، فقال: يا رسول اللَّه، نرى (٥) أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء. قال: فذهب عن وجه رسول اللَّه ما كان فيه من الغمّ، فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء. قال: وأنزل اللَّه تعالى: ﴿لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ﴾ الآية [الأنفال: ٦٨] انفرد به أحمد.

وقد روى الإمام أحمد (٦) -واللفظ له- ومسلم، وأبو داود، والترمذيّ وصحّحه، وكذا عليّ بن المدينيّ، وصحّحه من حديث عكرمة بن عمّارٍ، حدّثنا سماكٌ الحنفيّ أبو زُمَيلٍ، حدّثني ابن عباسٍ، حدّثني عمر بن الخطاب، قال: نظر رسول اللَّه إلى أصحابه يوم بدرٍ، وهم ثلاثمئةٍ ونيّف، ونظر إلى المشركين، فإذا هم ألفٌ وزيادةٌ، فذكر الحديث كما تقدّم إلى قوله: فقُتل منهم سبعون رجلًا، وأسر منهم سبعون رجلًا. واستشار رسول اللَّه أبا بكرٍ وعليًّا وعمر، فقال أبو بكرٍ: يا رسول اللَّه، هؤلاء بنو العمّ والعشيرة والإخوان، وإنّي أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكُفَّارٍ، وعسى أن يهديهم اللَّه، فيكونوا لنا عضدًا. فقال رسول اللَّه : "ما ترى يا بن الخطَّاب؟ " قال: قلت: واللَّه


(١) وقد رواه أحمد في "المسند" (٥/ ١٥ و ١٨ و ٢٠) وأبو داود (٣٩٤٩) والترمذي (١٣٦٥) والنسائي في "السنن الكبرى" (٤٨٩٨) و (٤٩٠٢)، وهو حديث صحيح.
(٢) قال ابن العماد الحنبلي: ولما أسلم لم يجدِّد له النبي نكاحه على بنته، بل أبقاهما على نكاحهما. انظر "شذرات الذهب" (١/ ١٥٢).
(٣) رواه أحمد في "المسند" (٣/ ٢٤٣) وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٦/ ٨٧) وفي سنده علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، صدوق يخطئ ويصرُّ، ولكن للحديث شاهد من حديث ابن عمر وابن مسعود، فهو حديث حسن لغيره.
(٤) زيادة من: "مسند الإمام أحمد".
(٥) كذا في (أ) و (ط): "نرى" والذي في "مسند الإمام أحمد": "إن ترى".
(٦) رواه أحمد في "المسند" (١/ ٣٠) ومسلم (١٧٦٣) وأبو داود (٢٦٩٠) والترمذي (٣٠٨١).