للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على صُورته" (١) وقد تكلَّم العلماء على هذا الحديث، فذكروا فيه مسالكَ كثيرة، ليس هذا موضع بسطها.

[وقد روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبد ربه بن صالح القرشي الدمشقي (٢)، يروي عن مكحول وغيره، وعبد الحكيم، ومروان الطاطري، وسليمان بن عبد الرحمن، وهشام بن عمار، وهشام بن خالد، روى من طريق هشام بن عمَّار، أنه سمعَ عروةَ بن رويم، عن جابر بن عبد اللَّه، عن النبيِّ ، قال: "لما خلق اللَّه آدم وذريَّته، قالت الملائكة: يا ربنا خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون، فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة، فقال اللَّه ﷿: لا أجعلُ منْ خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي، كمن قلت له كن فكان"] (٣).

* * *

ذكرُ وَفَاة آدم وَوَصيّته إلى ابنه شيث

ومعنى شيث: هبة اللَّه، وسمَّياه بذلك لأنهما رُزقاه بعد أن قُتِلَ هابيل.

قال أبو ذرّ في حديثه عن رسول اللَّه : "إنَّ اللَّه أنزلَ مئة صحيفةٍ وأربع صحف، على شيث خمسين صحيفة" (٤).

قال محمد بن إسحاق: ولما حضرتْ آدمَ الوفاةُ عَهِدَ إلى ابنه شيث، وعلَّمه ساعاتِ الليل والنهار، وعلَّمه عباداتِ تلك الساعات، وأعلمَه بوقوع الطُّوفان بعدَ ذلك. قال: ويُقال: إنَّ أنسابَ بني آدم اليوم كلها تنتهي إلى شيث، وسائر أولاد آدم غيره انقرضوا وبادُواد (٥)، واللَّه أعلم.

ولما تُوفي آدمُ -وكان ذلك يوم الجمعة- جاءته الملائكة بحَنُوط وكَفَن من عند اللَّه ﷿ من الجنة، وعزَّوا فيه ابنَه ووصيَّهُ شيثًا، .

قال ابن إسحاق (٦): وكُسِفت الشمسُ والقمر سبعة أيَّام بلياليهن.


(١) أخرجه البخاري في العتق (٢٤٢٠) ومسلم في البر والصلة (٢٦١٢).
(٢) تاريخ دمشق (٣٤/ ١١٠).
(٣) زيادة من ب.
(٤) تقدم الحديث وتخريجه (ص ١٥٠).
(٥) تاريخ الطبري (١/ ١٥٢).
(٦) المصدر السابق (١/ ١٥٩).