للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وأهولُ أسمائه، وأبشع ألقابه: يومُ الخلود، وما أدراك ما يومُ الخلود، يوم لا انقطاع لِعقَابِه، ولا يُكْشَفُ فيه عن كَافرٍ ما بِهِ، فنعوذُ باللَّه، ثم نعوذ باللَّه من غضبه وعقابه وبلائه، وسوء قضائه، برحمته وكرمه وجوده وإحسانه ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم.

[ذكر أن يوم القيامة، هو يوم النفخ في الصور لبعث الأجساد من قبورها، وأن ذلك يكون في يوم الجمعة]

وقد ورد في ذلك أحاديث. قال الإمام مالك بن أنس، عن يزيد بن عبد اللَّه بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه : "خَيْرُ يَوْمٍ طَلعَتْ فِيه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فِيه خُلقَ آدَمُ، وفِيهِ أُهْبِطَ، وفيه تِيب عليه، وفيه مات، وفيه تقومُ الساعة، وما من دابّة إلّا وهي مُصِيخَةٌ (١) يوم الجمعة من حين تُصبحُ حتّى تَطْلُعَ الشمس، شَفقًا مِنَ السَّاعَةِ، إلّا الجنّ، والإنس، وفيها ساعة لا يُصَادِفُها عَبْدٌ مسلم، وهو يصَلّي يَسْألُ اللَّه شيئًا إلّا أعطاه إياه". ورواه أبو داود واللفظ له، والترمذيّ من حديث مالك، وأخرجه النسائيّ عن قُتَيْبَةَ، عن بكر بن مُضر، عن ابن الهاد، به نَحوه وهو أتم (٢).

وقد روى الطبرانيُّ في "مُعْجَمه الكبير" من طريق آدم بن عليّ، عن ابن عمر مرفوعًا: "ولا تَقُومُ الساعَةُ إلّا في الأذانِ" قال الطبراني: يعني أذانَ الفَجْرِ يوم الجمعة.

وقال الإمام محمد بن إدريسَ الشافعيّ في "مُسْنَدِه": حدّثنا إبراهيمُ بن محمد، حدثني موسى بن عُبَيْدة، حدثني أبو الأزهر معاوية بن إسحاق بن طلحة، عن عبيد اللَّه بن عُمَيْر: أنّه سمع أنس بن مالك يقول: أتى جبريلُ بمرآةٍ بَيْضَاءَ فيها نُكْتَةٌ سوداء إلى النبيّ ، قال النبي: "ما هذه؟ " قال: "هذه الجُمُعَة فُضِّلْتَ بِهَا أنْتَ وأُمَّتُكَ، فالنَّاسُ لَكُمْ فِيهَا تَبَعٌ، اليَهُودُ، والنصارى، ولكم فيها خَيْرٌ، وفيها ساعةٌ لا يُوافقُها عَبْدٌ مُؤْمِن يدعو اللَّه بخَيرٍ إلا استُجيبَ له، وهو عندنا يومُ المَزِيد". فقال النبي : "يا جبريل وما يومُ المَزِيد؟ " فقال: "إنّ رَبَّك اتَّخذَ في الفِرْدَوْسِ وَادِيًا أفْيَحَ (٣) فيه كثُبُ المِسْك، فإذا كانَ يومُ الجُمعة أنْزَل اللَّهُ ما شَاءَ مِنْ الملائكة، ونزل على كرسيِّه وحفَّ حَوْلَهُ مَنابِرَ مِنْ نُورٍ، عَليهَا مَقاعِدُ النّبِيِّينَ، وحَفَّ تِلْكَ المَنابِرَ بمَنابِرَ منْ ذهبٍ مُكَلَّلةٍ بالياقوتِ والزبرجد، عليها الشُّهَدَاءُ،


(١) أي مصغية مستمعة.
(٢) "الموطأ" (١/ ١٠٨) وأبو داود رقم (١٠٤٦) والترمذي (٤٩١) والنسائي (٣/ ١١٣ - ١١٥) وهو حديث صحيح.
(٣) أَفْيَح، أي واسع.

<<  <  ج: ص:  >  >>