للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم إن المختار بعث الأمراء إلى النواحي والبلدان والأقاليم والرساتيق، من أرض العراق وخراسان، وعقد الألوية والرايات، وقرر الإمارة والولايات، وجعل يجلس للناس غدوة وعشية يحكم بينهم، فلما طال ذلك عليه استقضى شريحًا فتكلّم في شريح طائفة من الشيعة، وقالوا: إنه شهد على حَجْر بن عدي، وإنه لم يبلّغ عن هانئ بن عروة ما أرسله به، وقد كان علي بن أبي طالب عزله عن القضاء. فلما بلغ شريحًا ذلك تمارض ولزم بيته، فجعل المختار مكانه عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود، ثم عزله وجعل مكانه عبد اللَّه بن مالك الطائي قاضيًا (١).

[فصل]

ثم شرع المختار يتتبع قتلة الحسين من شريف ووضيع فيقتله، وكان سبب ذلك أن عبيد اللَّه بن زياد كان قد جهزه مروان من دمشق ليدخل الكوفة، فإن ظفر بهأ فليبحها ثلاثة أيام، فسار ابن زياد قاصدًا الكوفة، فلقي جيش التوابين، بعين الوردة كما ذكرنا، ثم سار (٢) حتى انتهى إلى الجزيرة فوجد بها قيس عيلان، وهم من أنصار [ابن الزبير، وقد كان مروان أصاب منهم قتلى كثيرة يوم مرج راهط، فهم إلب عليه، وعلى ابنه عبد الملك من بعده، فتعوَّق عن المسير سنة وهو في حرب قيس عيلان بالجزيرة، ثم وصل إلى الموصل فانحاز نائبها (٣) عنه إلى تكريت، وكتب إلى المختار يعلمه بذلك، فندب المختار يزيد بن] (٤) أنس في ثلاثة آلاف اختارها، وقال له: إني سأمدُّك بالرجال بعد الرجال، فقال له: لا تمدني إلا بالدعاء. وخرج معه المختار إلى ظاهر الكوفة فودعه ودعا له وقال له: ليكن خبرك في كل يوم عندي، وإذا لقيت عدوك فناجزهم (٥)، ولا تؤخر فرصة. ولما بلغ مخرجهم ابن زياد جهّز بين يديه سريّتين إحداهما مع ربيعة بن مخارق ثلاثة آلاف، والأخرى مع عبد اللَّه بن حَمْلة ثلاثة آلاف، وقال: أيكم سبق فهو الأمير، وإن سبقتما معًا فالأمير عليكم أسنُّكما. فسبق ربيعة بن مخارق إلى يزيد بن أنس فالتقيا في طرف أرض الموصل مما يلي الكوفة، فتواقفا هنالك، ويزيد بن أنس مريض مدنف، وهو مع ذلك يحرّض قومه على الجهاد ويدور على الأرباع وهو محمول مضنيٌّ [على حمار، وهو يقول لقومه: يا شرطة اللَّه اصبروا تؤجروا، وقاتلوا عدوكم تظفروا، ثم نزل فوضع له سريره بين الصفين، وقال لقومه: قاتلوا عن أميركم إن شئتم أو فرُّوا عنه] (٦) وقال للناس: إن هلكت فأمير (٧)


(١) الخبر في تاريخ الطبري (٦/ ٣٤ - ٣٥) وابن الأثير (٤/ ٢٢٧ - ٢٢٨).
(٢) في ط: فكان من أمرهم ما تقدم، ثم سار من عين وردة. .
(٣) واسمه عبد الرحمن بن سعيد بن قيس. الطبري (٦/ ٣٩).
(٤) ما بين معكوفين ساقط من أ وحدها.
(٥) في ط: فناجزك فناجزهم، وعبارة الطبري: إذا لقيت عدوك فلا تناظرهم، وإذا أمكنتك الفرصة فلا تؤخرها.
(٦) من قوله: عطى حمار. . إلى هنا ساقط من ط، والخبر بتمامه في الطبري (٦/ ٤١).
(٧) في ط: فالأمير على. .