للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحرق بعد ذلك. وبعث المختار إلى حكيم بن فضيل (١) السنبسي -وكان قد سلب العباس بن علي بن أبي طالب يوم قتل الحسين- فأخذ فذهب أهله إلى عدي بن حاتم، فركب ليشفع فيه عند المختار، فخشي أولئك الذين أخذوه أن يسبقهم عدي إلى المختار فيشفعه فيه، فقتلوا حكيمًا قبل أن يصل إلى المختار، فدخل عدي فشفع فيه فشفعه فيه، فلما رجعوا وقد قتلوه شتمهم عدي وقام متغضبًا عليهم وقد تقلد منة المختار. وبعث المختار إلى يزيد بن رُقاد (٢) وكان قد قتل عبد اللَّه بن مسلم بن عقيل، فلما أحاط الطلب بداره خرج فقاتلهم فرموه بالنبل والحجارة حتى سقط، ثم حرقوه وبه رمق الحياة، وطلب المختار سنان بن أنس، الذي كان يدّعي أنه قتل الحسين، فوجدوه قد هرب إلى البصرة أو الجزيرة فهدمت داره، وهكذا صنع بكل من هرب من هؤلاء إلى البصرة، أو الجزيرة فهُدمت داره (٣)، وكان محمد بن الأشعث بن قيس ممن هرب إلى مصعب فأمر المختار بهدم داره، وأن يبنى بها دار حجر بن عدي التي كان زياد هدمها.

[مقتل عمر بن سعد بن أبي وقاص أمير الذين قتلوا الحسين]

قال الواقدي (٤): كان سعد بن أبي وقاص جالسًا ذات يوم إذ جاء غلام له ودمه يسيل على عقبيه، فقال له سعد: من فعل بك هذا؟ فقال: ابنك عمر، فقال سعد: اللهم اقتله وأَسل دمه. وكان سعد مستجاب الدعوة، فلما ظهر المختار على الكوفة استجار عمر بن سعد بعبد اللَّه بن جَعْدة بن هبيرة، وكان صديقًا للمختار من قرابته من علي، فأتى المختار فأخذ منه لعمر بن سعد أمانًا مضمونه أنه آمن على نفسه وأهله وماله ما أطاع ولزم رحله ومصره، ما لم يحدث حدثًا. وأراد المختار ما لم يأت الخلاء فيبول أو يغوط. ولما بلغ عمر بن سعد أن المختار يريد قتله خرج من منزله ليلًا يريد السفر نحو البصرة (٥) فقال له بعض مواليه ذلك [فقال]: وأي حدث أعظم من هذا؟ وقال له: تخرج من منزلك ورحلك؟ ارجع، فرجع. ولما أصبح بعث ولده حفص إلى المختار يقول له: إنَّ أبي يقول لك هل أنت مقيم على أمانك؟ [وقيل إنه أتى المختار يتعرف منه ذلك فقال له المختار: اجلس، وقيل إنه أرسل عبد اللَّه بن جعدة إلى المختار يقول له: هل أنت مقيم على أمانك له؟] (٦) فقال له المختار: اجلس، فلما جلس قال المختار لصاحب حرسه: اذهب فأتني برأسه فذهب إليه فقتله وأتاه برأسه.


(١) في الطبري وابن الأثير: حكيم بن طفيل الطائي السنبسي.
(٢) في ط: يزيد بن ورقاء، وفي الطبري وابن الأثير: زيد بن رُقاد.
(٣) من قوله: وهكذا صنع. . . إلى هنا ساقط من ط.
(٤) الخبر في تاريخ الطبري (٦/ ٦٠ - ٦٢) والكامل لابن الأثير (٣/ ٣١٢) والأخبار الطوال (٣٠١) والمنتظم لابن الجوزي (٦/ ٥٨).
(٥) في ط: نحو مصعب أو عبيد اللَّه بن زياد، وما أثبت موافق للمصادر.
(٦) ما بين معكوفين زيادة من ط. وهي موافقة للطبري.