للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دمشق على جانب الشرف (١) القبلي بصنعاء الشام، وهي قرية معروفة قديمًا. وأوقفتها على الشيخ برهان الدين علي بن محمد البلخي الحنفي المتقدم ذِكره.

وكانت زوجة الملك بوري بن طُغْتكين، فولدت له ابنيه شمس الملوك إسماعيل المذكور وقد تملك (٢) بعد أبيه، فساءت سيرته، وصادر الناس، ومالأ الفرنج على المسلمين، وهمّ بتسليم [البلد والأموال] (٣) إليهم فقتلوه. وتملك أخوه، وذلك بعد مراجعتها ومساعدتها.

وقد كانت قرأت القرآن العظيم، وسمعت الحديث، وكانت حنفية المذهب، تحب العلماء والصالحين. وقد تزوجها الأتابك زنكي صاحب حلب، طمعًا في أن يأخذ بسببها دمشق، فلم يظفر بطائل (٤)، بل ذهبت إليه إلى حلب، ثم عادت إلى دمشق بعد وفاته. وقد دخلت بغداد، وسارت من هناك إلى الحجاز الشريف، وجاورت بمكة سنة، ثم عادت (٥) فأقامت بالمدينة النبوية حتى ماتت بها، ودفنت بالبقيع في هذه السنة. وقد كانت كثيرة البر والصدقات والصلات والصوم والصلوات.

قال السبط: ولم تمت حتى قلّ ما بيدها. وكانت تغربل القمح والشعير، وتتقوت بأجرتها (٦)، وهذا من تمام الخير والسعادة وحسن الخاتمة رحمها الله تعالى، والله أعلم (٧).

[ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وخمسمائة]

فيها: مات صاحب المغرب عبد المؤمن بن علي، [تلميذ ابن التومرت وخليفته من بعده بمدينة سَلا. فصبَّره ابنه يوسف وحمله إلى مراكش في صفة أنه مريض] (٨). فلما وصلها أظهر موته فعزّاه الناس وبايعوه على الملك من بعده، ولقبوه أمير المؤمنين.


= موضعه مسجد خاتون المشرف على بانياس والمرج الأخضر، وهي من القرى التي نزلها اليمانيون وسمّوها باسم عاصمة قطرهم، ومنذ القرن السادس أصبحت صنعاء دمشق مزرعة وهي لعهدنا بساتين. غوطة دمشق (١٧٤).
(١) ط: الشرق. تصحيف.
(٢) ط: ملك بعد أبيه وسار سيرته.
(٣) ب: دمشق.
(٤) في ط: بذلك.
(٥) ط: ثم جاءت فأقامت.
(٦) ط: بأجرته.
(٧) الجملة الأخيرة عن ط وحدها.
(٨) ط: التومرتي وخلفه في الملك من بعده ابنه يوسف وحمل أباه إلى مراكش على صفة أنه مريض، وسَلَا: مدينة بأقصى المغرب. قلت: وتقع اليوم بجانب مدينة الرباط في المملكة المغربية. معجم البلدان (سلا).

<<  <  ج: ص:  >  >>