للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرَّبت دارَهُ ولم يتركوا شيئًا من الأفعال الشنيعة البشعة إِلا صنعوه به، مع أَنَّ الذين تعاطوا ذلك من الأمراء كانوا مُعَظِّمين له غايةَ التَّعظيم. ومن شعره: [من الطويل]

عصيتُ هَوَى نَفْسي صَغيرًا فعندما … رَمَتْني اللَّيالي بالمَشِيبِ وبالكبرِ

أَطَعْتُ الهَوَى عَكْسَ القَضِيَّةِ لَيْتَنِي … خُلِقْتُ كبيرًا ثُمَّ عُدْتُ (١) إِلى الصّغرِ

[ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وستمئة]

في ثالث المحرم يوم الأربعاء كان كَسرُ المعظم توران شاه للفرنج على ثغر دمياط، فقتل منهم ثلاثين ألفًا وقيل مئة ألف، وغنموا شيئًا كثيرًا ولله الحمد. ثم قتل جماعة من الأمراء الذين أسروا، وكان فيمن أسر ملك الإفرنسيس (٢) وأخوه، وأُرسلت غفارةُ ملك الإفرنسيس إِلى دمشق فلبسها نائبها في يوم الموكب، وكانت من سَقِرْلاط (٣) [أحمر] تحتها فرو سنجاب، فأنشد في ذلك جماعة من الشعراء فرحًا بما وقع (٤)، ودخل الفقراءُ كنيسةَ مريمَ فأقاموا بها فرحًا بما (٥) نصر الله تعالى على النصارى، وكادوا أن يخربوها، وكانت النصارى (٧) ببعلبك فرحوا (٦) حين أخذت النصارى دمياط، فلمّا كانت هذه الكسرة عليهم سَخَّموا وجوه الصور (٧)، فأرسل نائب البلد (٨) فجناهم وأمر اليهود فصفعوهم، ثم لم يخرج شهر المحرم حتى قتل الأمراء ابن أستاذهم [المُعَظَّم] توران شاه، ودفنوه إِلى جانب النيل من الناحية الأخرى رحمه الله تعالى ورحم أسلافه بمنه وكرمه.


(١) البيتان في مرآة الزمان (٨/ ٥١٦).
(٢) ط: الفرنسيس.
(٣) في أ، ب: شكر لاط، وفي ذيل الروضتين: اسكر لاط. وفي هامشه: ملابس صوفية مدفئة، والهامش ذاته في النجوم الزاهرة (٦/ ٣٦٨) بإِضافة عن القاموس الفارسي الإنجليزي، وبالرواية المثبتة هنا في الأعلى: سَقِرْلاط أحمر.
(٤) أورد أبو شامة ثلاثة مقطعات من هذا الشعر من نظم نجم الدين محمد بن إِسرائيل بينما أورد ابن تغري بردي من هذه المقطعات الثالثة وهي قوله: [من الطويل]
أسيّدَ أملاكِ الزمانِ باسرهم … تنجّزت من نصر الإله وُعودَهُ
فلا زال مولانا يبيحُ حمى العدا … ويُلبس أسلابَ الملوكِ عبيدَهُ
(٥) ط: لما.
(٦) أ، ب: قد فرحوا.
(٧) أ، ب: القبور، وأثبت ما يوافق رواية ذيل الروضتين.
(٨) في أ، ب: البلد إِليهم فجناهم، وفي ذيل الروضتين: فجناهم جناة شديدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>